بين غابات من النخيل وفي أجواء قاسية، وعلى بعد عشرات الأمتار فقط من متاريس العصابات الحوثية، تجدهم سامقين صامدين يشتاقون إلى ساعة الصفر لإطلاق فيضان التحرير لما تبقى من محافظة الحديدة وصولا إلى كل ذرات اليمن.
 
نهار رمضاني فى جبهة الجاح بمحافظة الحديدة على الشريط الساحلي يكشف لمن لا يعرف الرجال في الجبهات كم أن جهود الجميع، خارج خنادق القتال، في مواجهة مليشيا الحوثي لا تساوي وثبة جندي شجاع يرابط في مترسه ولا يعير اهتماما لكل ما يدور من سجالات وتباينات وراء  حدود جبهته.
 
مقاتل يقف صامدا ولا يبعد العدو الحوثي عن مترسه سوى 200 متر يتلقى بجلد وثبات رصاصات القناصة وقذائف الهاون وعيارات متعددة من الجهة المقابلة حيث تتربص المليشيا الحوثية لرد ولو اليسير مما خسرته في الساحل لكن هيهات لها أن تنال من يقظة حراس جمهورية الشعب.
 
معنويات عالية وصمود لأبطال حراس الجمهورية في جبهة الجاح وتأكيد على أن المليشيا الحوثية ليس متاح لها أن تتقدم ولو خطوات قليلة مادام في المتاريس رجال يسامقون نخيل  الجاح شموخا وصلابة وتضحية.
 
في الجاح تتعدد لهجات المقاتلين وتختلف مناطق انتماءاتهم، متنوعون بوحدة الهدف وموحدون بتنوع جغرافيتهم، غير أن لغة واحدة يتخاطبون بها مع العدو الحوثي الكهنوتي وهي لغة الرصاص، لا وجود في الجاح وجبهات الساحل لمفردات تراجع أو انسحاب تكتيكي، لأن الحرب في شريعة الأبطال اللغة الوحيدة التي ستعيد اليمن لليمنيين وستنهي ست سنوات من حكم الإمامة بصورتها الجديدة.
 
لا شيء يزعجهم هناك غير توقف الحرب بسبب اتفاق السويد فهدفهم ليس البقاء في الجاح بل الذهاب بعيدا واستعادة مدن ومحافظات، من الحديدة حتى صعدة ومن إب حتى عمران وحجة والمحويت والتلويح بالوداع لتهامة من جبال ريمة ومناخة والعدين وصولا إلى معانقة عيبان وأزقة صنعاء الحبيبة.
 
في الجبهات كما في الجاح تتكشف للزائر صور زاهية من فصول التضحية والصمود حين تجد مقاتلا لم يترك سلاحه رغم ماتسكنه من شظايا وما به من إصابات، لم ينتظر استئناف الرحلات إلى الخارج ليذهب لانتزاع الشظايا من جسده ويعود للقتال، بل يواصل القتال في موقعه حتى تأتي فرصة العلاج المتوقفة بسبب إغلاق المطارات وبسبب وباء كورونا .
 
يتواجد الأبطال بين غابات النخيل التي جعلت الجبهة من أكثر الجبهات خطورة لسهولة تخفي عناصر المليشيا بين الأشجار وتتوالى أيامهم لتجعل من ملاحم الكفاح دفاعا عن جمهورية الشعب جزءا من حياتهم التي نذروها لاستعادة الجمهورية التي ضحى آباؤهم وأجدادهم في صناعة فجرها السبتمبري عام 1962.
 
ينتشرون بين النخيل والخنادق والمتاريس كالأسود ويواجهون من يزورهم بابتسامة ومهابة ولطف، يحرسون بعضهم كما يحرس الواحد منهم عينيه، يتقاسمون كل شيء ويجِودون بأرواحهم في سبيل اليمن حيث لا شيء أغلى من الروح ولا يوجد أغلى ما يوهب دفاعا عن الأوطان غير الأرواح.
 
يشكل هؤلاء الأبطال مشاعل ضوء سيبدد ليل الكهنوت وبتضحياتهم ورفاقهم في كل الجبهات سيكتبون تاريخ اليمن الجديد بعيدا عن العصابة السلالية الدموية وبأيديهم سيفتحون باب الحرية والسلام والتعايش الذي أوصده دجال مسيرة الخراب والإرهاب ومليشياته المفخخة بالطائفية والتعصب والنفاق.
 
كل من أصابه الإحباط واليأس من زوال ليل المليشيا الكالح السواد يحتاج لزيارة الجبهات وجبهة الجاح أحدها ليزيل صدى روحه المهزومة بمشاهد التموضع على حافة الموت لانتزاع الجمهورية من بين فكي الإمامة الكهنوتية بنسختها الحوثية  الجديدة.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية