من المفارقات التاريخية التي تحدث اليوم في اليمن، هذا الصعود الجمهوري الفريد الذي يبزغُ فجره من مديرية "كُشَر" في محافظة حجة شمالي غرب البلاد، في منطقة "حجور" المحاطة بسياج الكهنوت، والتي تقدم اليوم دروساً فريدة في الكفاح والمواجهة وحَمل راية الجمهورية باستبسال وطني منقطع النظير.

 

زحوفات حوثية هائجة على تخوم حجور، تكسرت أمام صمود القبائل منذ أسبوعين علنياً، وقبل ذلك فشلت الجهود الحوثية والمراوغات الكهنوتية في إحداث أدنى اختراق للوصول إلى قلب المنطقة وقلب الموازين هنا؛ جسدت حجور أسمى قيم الوطنية في صمودها المنفرد أمام آلة الموت والدمار الحوثية، واستطاعت أن تلف حولها كل اليمنيين مؤازرة وإشادة، ومؤخراً صار التحالف العربي سنداً مباشراً لها في مسرح المواجهات، ويستعد كثيرٌ من اليمنيين للمشاركة المباشرة في القتال الميداني ضد جحافل الكهنوت.

 

وتقع كُشر، حاضنة حجور الإدارية، في الشمال الشرقي لمحافظة حجة، وعلى مسافة نحو 20كيلو متراً تتمركز القوات الحكومية في مديرية حيران، حيث تمثل حجور منصة استراتيجية تهدد تعزيزات المليشيات الحوثية نحو ثلاث مديريات هي (حرض، حيران، مستبأ)، وهذا أحد الأسباب الذي دفع مليشيا الإرهاب لإخضاع حجور التي منعت تسيير القوافل العسكرية الحوثية عبر مناطقها.

 

وقالت مصادر ميدانية لـ "وكالة 2 ديسمبر"، أن المليشيات توجه قواتها العسكرية نحو منطقة "العبيسة" بالتحديد، حيث الثقل الحقيقي لقبائل حجور، إذ حرك الكهنوتيون منذ أسبوعين قوات لهم من منطقة "المندلة" وهي قوات معززة بدبابات ومدرعات وأسلحة متوسطة وخفيفة، وقوات عالية التدريب، وأوكلت اليها مهمة الهجوم على قبائل ريبان، فيما تحركت قوات حوثية مماثلة عبر "آل الدريني" للهجوم على منطقة ‘‘النماشية‘‘.

 

ورغم تكثيف الزحف الحوثي المصحوب بترسانة عسكرية ضخمة، استطاعت قوات القبائل صرف هذا الخطر بإيقاعها مقتلة في صفوف مليشيا الإرهاب، لتلجأ المليشيا إلى فرض حصار بديل من اتجاه منطقة "الراكب" بمقربة  من سوق عاهم، ونشر قوات في منطقة "المندلة" في الاتجاه الشرقي نحو محافظة عمران، غير التحشيد العسكرية بمديرية "قفلة العذر" في عمران، الذي يتطلع عبره الحوثيون الى شن هجوم كاسح.

 

وتواجه منطقة العبيسة مضايقات حوثية منذ سبع سنوات، لكنها استطاعت دحض هذه الأخطار بإسناد شعبي كبير، لكن هاجس الحوثيين باجتياح حجور التي لم يطأها الانقلابيون منذ اجتياحهم البلاد، أعاد إليهم اليوم حسابات عسكرية وتكتيكية بالذات في ظل الهدنة القائمة بالحديدة، حيث يسعى الكهنوتيون إلى السيطرة على طريق "العيسي"، واحدة من أهم طرق الإمداد العسكرية، الواصلة بين "حوث" مسقط رأس قائد المليشيات، ومديرية حرض.

 

وفشلت جهود المليشيات الحوثية في احتواء المعارك بعد الخسارة التي منيت بها، بالرغم من توكيل يوسف الفيشي، وأبو علي الحاكم باتخاذ تدابير تفاوضية وعسكرية لإخضاع القبائل.

 

ومثلت عمليات الإغراء والاستدراج، والعلاقات المفتوحة التي بنتها المليشيات مع شخصيات ومشايخ في كُشر، واحدة من الأساليب التي استخدمت لتقويض قدرات القبائل واختراق تحصيناتهم، إلا أنها فشلت لتلجأ المليشيات إلى اعتقال العديد من الشخصيات الاجتماعية والمشايخ من أبناء حجور المتواجدين في مناطق سيطرتها، بالذات في العاصمة صنعاء، التي رفض فيها وجهاء حجور لقاء رئيس مجلس الحكم الحوثي مهدي المشاط، واعتقلوا على إثر رفضهم.

 

ومنذ أيام يقدم التحالف العربي إسناداً جوياً مركزاً استهدف بغارات جوية عشرات المواقع والتجمعات والآليات التابعة للحوثيين، وتمكنت الغارات الجوية من كبح قدرات كبيرة للحوثيين وتدمير عدد من المدرعات والدبابات التي استخدمت في قصف القبائل.

 

ووفقاً لمعلومات تحصلت عليها وكالة 2 ديسمبر، فإن القياديين الحوثيين نجيب صبرة، وإسلام الشعوبي، يقودان قوات حوثية تشارك في الهجمات، فيما تفيد معلومات أخرى بأن حصيلة القتلى الحوثيين زادت عن 50قتيلاً، وجرحى بالعشرات.

 

وأحرزت الغارات الجوية تطوراً ميدانيا محوريا، بتدميرها الأهداف الاستراتيجية، وغرف العمليات والقيادة، وتمكنت إحدى الغارات من قتل القيادي الميداني عبدالله عباس جحاف مع مرافقيه، أثناء قيادته المعارك.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية