رسائل حسن روحاني من لقائه علي السيستاني".. بهذا العنوان بثّت منصة إعلامية تابعة للحكومة الإيرانية مقطع فيديو أثار محتواه جدلا واسعا بعد انتشاره بشكل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي، قبل أن تضطر لحذفه لاحقا بل وتقديم اعتذار عنه بدعوى التسرع من القائمين على عمل المنصة الخبرية.

الرئيس الإيراني، الذي يحدد له دستور نظام ولاية الفقيه صلاحيات محدودة للغاية وتبقى رهن إشارة المرشد الأعلى للبلاد، حاول على هامش زيارته الأولى لبغداد منذ 2013 استغلال لقاء له مع المرجع الشيعي العراقي البارز السيستاني في مدينة النجف (وسط العراق) للإيحاء بشكل مبطن بقوة مركزه السياسي ضمن تركيبة نظام طهران، خاصة في ظل تجاذبات داخلية كبيرة مع مناوئين له أبرزهم إبراهيم رئيسي رجل الدين المتشدد المقرب من الحرس الثوري ورئيس السلطة القضائية الإيرانية المعين حديثا.

وجاءت أولى رسائل روحاني من لقائه مع السيستاني، وفقا لمحتوى الفيديو، بأن الرئيس الإيراني يتمتع بقوة سياسية في الداخل، ويمكن للعراقيين التحاور معه بشأن مصالحة تكتيكية بدلا من شخصيات أو كيانات عسكرية إيرانية أخرى.

الرسالة الثانية، بحسب نفس الفيديو الذي تضمن محتوى نصيا على لسان محللين "لم يفصح عن هويتهم"، هي استغلال لقاء روحاني مع أحد أبرز المراجع الشيعة وأكثرهم نفوذا داخل العراق، وذلك كرئيس إيراني لأول مرة منذ 11 عاما، في مسعى للفت أنظار تيار المتشددين الذي يمثله المرشد الإيراني علي خامنئي وجنرالات مليشيا الحرس الثوري.

وفي الوقت الذي حملت فيه ثالث رسائل الفيديو المحذوف إشارة ضمنية إلى الولايات المتحدة بأن زيارة روحاني تعكس سيطرة طهران على شرايين الاقتصاد والسياسة داخل بغداد، شنّت حسابات لمستخدمين إيرانيين موالين لتيار خامنئي هجوما ضد الرئيس الإيراني على موقع تويتر، حيث اعتبروا المقطع المذكور جزءا من صراع سياسي بين حسن روحاني ومنافسيه على كرسي خلافة المرشد الإيراني.

وتداولت وسائل إعلام إيرانية محلية وأخرى دولية ناطقة بالفارسية محتوى الفيديو على نطاق واسع، والذي يأتي بعد أسابيع من استقالة مفاجئة لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بسبب تهميش موقع وزارته دبلوماسيا ثم سرعان ما تراجع عنها، فضلا عن منح خامنئي وساما عسكريا رفيعا للإرهابي قاسم سليماني قائد فيلق القدس (ذراع مليشيا الحرس الثوري خارجيا) بسبب دوره البارز في تنفيذ أجندة طهران التخريبية داخل العراق وبلدان أخرى منذ سنوات.

ويعمل سليماني، المدرج على قوائم الإرهاب الدولية منذ عام 2011، على تعزيز نفوذ طهران سياسيا وعسكريا داخل العراق بعد سقوط نظام الرئيس الأسبق صدام حسين عام 2003، بينما حاول روحاني خلال زيارته إلى بغداد البحث عن دعم سياسي له بعد نجاحه في لقاء السيستاني الذي رفض لقاءات سابقة مع سلفه محمود أحمدي نجاد في عامي 2008 و2013.

واختتم الرئيس الإيراني حسن روحاني، الأربعاء، زيارته إلى العراق بعد توقيع أكثر من ٣٠ اتفاقية ومذكرة تفاهم في المجالات التجارية والأمنية والاقتصادية والطاقة وترسيم الحدود والحقول النفطية المشتركة، وأخرى تتعلق بإعفاء الإيرانيين من الرسوم المترتبة على دخولهم العراق، جميعها تأتي في إطار خطط الحرس الثوري للالتفاف على العقوبات الأمريكية.

ويرى مراقبون للشأن العراقي أن زيارة روحاني تبقى رهن إطارها الشكلي في ظل تغول جنرالات مليشيا الحرس الثوري الإيراني المنخرطة في القتال عسكريا خارج الحدود على عمل الأجهزة الدبلوماسية والسياسية الإيرانية إقليميا، إلى حد دفع أبرز وزراء حكومة طهران إلى الاستقالة بعد تغييبه خلال لقاءات حضرها بشار الأسد رئيس النظام السوري في طهران مؤخرا.

 

العين الإماراتية

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية