ألقت معركة الحديدة الساخنة بظلالها على الوضع القائم في صنعاء، سواء في الجوانب الأمنية والعسكرية، أو على مستوى الوضع الاقتصادي المتدهور. وذاك نتاج التخبط الذي تعيشه المليشيات الحوثية الإرهابية وسط احتدام المعارك على مقربة من مطار الحديدة واستمرار الحشد العسكري لاقتحام مدينة الحديدة والسيطرة على ميناءها الاستراتيجي.

 

مُستجدات الوضع في الساحل الغربي واقتراب القوات المشتركة من مطار الحديدة حيث لم تتبقَ سيوى بضعة كيلو مترات، خلخلت الأوضاع الأمنية في صنعاء واستناداً إليه فرضت المليشيات المدعومة من إيران حالة أمنية استثنائية يُزامنها مساعٍ حثيثة من قبل الحوثيين لحشد المزيد من المقاتلين والدفع بهم تجاه الساحل لمحاولة تغيير المعادلة العسكرية، وهو الأمر الذي بات مستحيلاً الآن، بحسب مراقبين.

 

وتجول عربات عسكرية تابعة للمليشيات الحوثية منذ أمس الأول مدينة صنعاء لمراقبة أي تحركات في المدينة ما تزال المليشيات الحوثية حذرة منها، في حين كثفت الجماعة نشر دورياتها الأمنية في صنعاء لا سيما الفترة المسائية، ناهيك عن نشرها المئات من مقاتليها في مواقع أمنية إضافية نشرتها خلال الساعات الماضية.

 

وقال سكان محليون في صنعاء لـ " وكالة 2ديسمبر " إن الانتشار الأمني للحوثيين وبالذات تعزيزهم للدوريات الأمنية فاق ما كان عليه في السابق، إذ تحوم العربات الأمنية بشكل دائم في المدينة وأحيائها بالتوازي مع فرق أخرى تطوف المدينة على متن عربات أخرى تدعو الناس لمشاركتها في القتال عبر مكبرات الصوت.

 

ولاحظ سكان آخرون منذ ظهر اليوم وجود نقطتين أمنيتين للمليشيات الكهنوتية استحدثتهما في شارع الخمسين باتجاه منطقة عصر غربي المدينة، فيما نقطة أخرى عززت بعناصر إضافية وطقم عسكري بشارع الثلاثين شمالي المدينة، مبينين أن العناصر الحوثية تدقق في عمليات التفتيش للمركبات المارة عبر هذه الطرق. وأشارت المصادر إلى أنها لاحظت عربات عسكرية تقل مسلحين تعبر في منعرجات جبل عصر، مرجحة أن تكون ضمن التعزيزات التي ترسلها المليشيات الحوثية إلى الحديدة.

 

وتخشى المليشيات الكهنوتية أي حراكٍ شعبي من الداخل، أمر يدفعها إلى فرض قيود أمنية إضافية على السكان لمنع أي خروج ضدها، ويفرض عليها نشر المزيد من مسلحيها في أحياء وشوارع المدينة في حالة طوارئ غير معلنة. فيما الرفض الشعبي تجاه دعوات المليشيات الحوثية لحشد أبناء القبائل في صنعاء ومناطق سيطرتها صار أكثر صرامة باعتبار مشاركة المليشيات في معركة كهذه لا يعطي إلا الخسارة.

 

وأفاد مسافرون وافدون من محافظة تعز إلى صنعاء خلال الساعات الماضية، أن النقاط الأمنية للمليشيات في المدخل الجنوبي لصنعاء أفرغت حمولات الشاحنات وحافلات المسافرين وأجرت عمليات تفتيش دقيق للبضائع ومتعلقات المسافرين. ونقل أحد المسافرين عن مسلح حوثي يعمل في نقطة نقيل يسلح قوله بـ "امتلاكهم معلومات" عن "دخول أسلحة إلى صنعاء"، ولا يستبعد أن تكون هذه التصريحات رائجة يدلي بها عنصر المليشيات بعد تشتت وضعهم الداخلي.

 

ومنذ مغادرة عدد من البرلمانيين صنعاء تنتشر حواجز أمنية ومسلحين حوثيين معززين بعربات عسكرية في الأحياء الجنوبية من العاصمة نتيجة تخوفات المليشيات الانقلابية من مغادرة من تبقوا من أعضاء مجلس النواب في صنعاء نحو المناطق الآمنة من خطرها.

 

وتشير التقديرات إلى أن الحالة الأمنية المتوترة في صنعاء تكشف جلياً مستوى الإرباك الذي تعيشه المليشيات الحوثية على المستوى الداخلي، إذا تعتبر صنعاء نقطتها المركزية الأهم والمركز الذي تتواجد فيه قيادات الصف الأول التابعة لها، والإرباك الذي تعيشه المليشيات اليوم نتج عن انتكاستها الكبيرة التي واجهتها في الحديدة والتخلخل في صفوف مقاتليها المتواجدين على أعتاب مدينة الحديدة.

 

لم تكن الأوضاع الأمنية وحدها في قائمة ما استجد بالمدينة خلال الساعات الماضية، فالوضع الاقتصادي هو الآخر الذي طفى على السطح مجدداً، وبالذات انعدام المشتقات النفطية من محطات التزود بالوقود منذ الليلية الماضية، وعودة غياب مادة الغاز المنزلي مجدداً، يرافق هذا جهود كبيرة تبذلها المليشيات الحوثية لحشد مقاتلين متعاونين معها، واستمرارها في إرسال التعزيزات العسكرية إلى الساحل الغربي لتقضي آخر فرصة لها على رمال البحر.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية