الزبيري، العلفي، السبعين، الحمدي، صالح. مفردات ارتبطت بوجدان اليمنيين، وبثورتهم وبعهد جمهوريتهم، ضد سلطة الإمامة ومقولات الخرافة التي تشكل قاعدتها الفكرية، فعملوا على تخليدها في حياة جيل الثورة والجمهورية عبر تسميات أطلقوها على هذه المشأة أو تلك، أو مقتنيات حفظوها، هنا أو هناك من الممتلكات العامة.

 

في الضفة المقابلة لوطنية الشعب اليمني، جاءت من كهوف الظلام ردة إمامية حوثية، انسلخت عن بلدها وشعبه باتجاه الماضي وفي أحضان الصفوية الفارسية. فحاولت مصادرة الذاكرة الوطنية اليمنية، وإحلال أيقونات تخلفها ، مغيرة الأسماء ومخفية المقتنيات، لتضع أماكنها أوثان كرتونية وطوارئ بشرية ترعرعت على غفلة من اليمنيين وأشقائهم في مستنقعات تسرب الوسخ الصفوي الفارسي.

 

 غيرت مليشيا الحوثي الانقلابية السلالية، على مر السنوات الخمس الماضية، أسماء الشوارع والمعالم والمؤسسات والمناهج الدراسية، المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بثورة الـ26 من سبتمبر 1962، وعظمتها في جتثاث الحكم الإمامي، الذي يعتبر الحوثيين أنفسهم امتدادا له ويسعون لإعادته.

 

يقول نبيل الأبارة الباحث في الشؤون السياسية لـ"وكالة 2 ديسمبر" إن مليشيا الحوثي، نفذت سلسلة من الأفعال ضد رمزية ودلالات ثورة 26 سبتمبر، المتجذرة في وجدان اليمنيين، والتي أخرجت الشعب اليمني من العبودية والتخلف والجهل، إلى الحرية والعدالة والمساواة.

 

ويتابع، أن تغيير مليشيا الحوثي أسماء الشوارع، والمؤسسات، والمعالم المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالنضال ضد الحكم الإمامي الظالم، مثل ميدان السبعين، وشارع الزبيري، ومستشفى العلفي، ورموز ثورة 26 سبتمبر، وإخفاء مقتنيات الرؤساء الذين تعاقبوا على حكم اليمن خلال العقود الخمسة الماضية أظهرت حجم حقدها الدفين على النظام الجمهوري، ومحاولة طمسه وتكريس جهدها لإعادة صياغة الذاكرة الوطنية اليمنية، بما يخدم مشروعها الإمامي.

 

واستبدلت مليشيا الحوثي الانقلابية اسم "ميدان السبعين" الذي يرمز إلى الثورة ضد الإمامة وهزيمتها، باسم "ميدان الصمود"، وشارع الزبيري إلى شارع    "الرسول الأعظم"، والقصر الجمهوري، إلى "مقر المجلس السياسي الأعلى"

 

كما أقدمت المليشيا على تغيير اسم مستشفى العلفي في مدينة الحديدة، إلى مستشفى الساحل الغربي الطبي التعليمي في محاولة لطمس أحد رموز الثورة اليمنية ضد الحكم الإمامي، لما يكتسب من رمزية وطنية كونه يحمل اسم الشهيد الثائر محمد عبد الله العلفي الذي أطلق النار على الإمام أحمد حميد الدين، أثناء زيارته لمستشفى الحديدة عام 1961م وظل يقاوم حرس الإمام حتى استشهد في المستشفى.

 

 وتعمل مليشيا الرجعية على غسل عقول المجتمع والنشء في أماكن سيطرتها، وأدخلت تغييرات على المناهج الدراسية، تلحق معلومات تطابق رؤيتهم عن ثورة 26 سبتمبر 1962، التي يعدونها انقلاباً على حكم الأئمة.

 

يقول أحد التربويين لـ"وكالة 2 ديسمبر" إن مليشيا الحوثي  قامت بتغيير المناهج الدراسية خصوصا لطلاب المرجلة الأساسية، ولمادتي التربية الإسلامية، والتربية الوطنية، وأضيفت مواد تمجد المليشيا وزعيمها عبدالملك الحوثي، وصور ونصوص تتعلق بسيرة مؤسسها، الهالك حسين بدر الدين الحوثي.

 

وعمدت مليشيا الحوثي إلى دفن الرجل الثاني في الجماعة الإرهابية، صالح الصماد ومرافقيه الستة الذين قتلوا بغارة جوية للتحالف العربي في مدينة الحديدة، في ضريح "الجندي المجهول" بميدان السبعين بالعاصمة صنعاء، الذي يخلد نضال اليمنيين في ثورة 26 سبتمبر 1962، ويمثل معلما تاريخيا رمزيا لشهداء ومناضلي الثورة اليمنية، ضد الحكم الإمامي والظلم والاستبداد.

    

وقامت المليشيا بنهب متحف الرئيس الشهيد علي عبدالله الصالح في جامع الصالح، التي تعبر عن النظام الجمهوري ومراحله خلال ثلاثة عقود، كما قامت المليشيا بنقل مقتنيات الرئيس إبراهيم الحمدي من المتحف الحربي بصنعاء إلى جهة مجهولة.

 

وافرغت المليشيا مساحات في المتحف الوطني والمتحف الحربي، كانت تحتوي على صور ومقتنيات للرؤساء الذين تعاقبوا على حكم اليمن منذ 1962، ووضعت بدلاً عنها صوراً ومقتنيات لرموزها منهم "طه المداني" و"لطف القحوم"

 

  كما قامت بتغيير أسماء المدارس والمعاهد والمراكز الثقافية التي تحميل أسماء ودلالات ورموز من ثورة 26 سبتمبر، إلى أسماء جديدة من قيادة المليشيا الذين قتلوا، او بأسماء كيانات تخصها، وأخرى مقتبسة من مذهبها الصفوي الطائفي.

 

جهد حثيث تحاول المليشيا الطارئة أن تمحو من خلاله شمس 26 سبتمبر، متناسية أن أمامها شعب لا يستكين إلا لإرادته، ولا ينحني إلا لخالقه.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية