تحت طائلة القصف والتهديد وملء الأرض بالألغام وتهجير الناس قسريا، كان أمام الحاج عمر الشامي خياران مران، إما البقاء والموت مع أطفاله بقذيفة او لغم حوثي، أو الرحيل عن قريته في ريف حيس بحثا عن مأمن يقيه الشر الحوثي، فانتقل بإرادة القدر إلى مدينة حيس التي وجد فيها منزلا يستقبله هو وأطفاله.

 

كتب الحظ عمرا جديدا للحاج الخمسيني مع أسرته عندما وجدوا أنفسهم وقد خرجوا من الجحيم الحوثي في ريف حيس محتفظين بأرواحهم في أجسادهم، ووصلوا بأمان إلى البيت الذي سيقضون أيامهم فيه؛ لكن الحظ السعيد ذاك لم يدم طويلا.

 

بعد زهاء شهرين من الاستقرار والبدء بحياة جديدة، أرسلت مليشيا الحوثي مساء إحدى الأيام قذيفة أوقعت كل أفراد الأسرة جرحى.

 

وقتها كان الحاج عمر شامي في منزل أحد الجيران يستمع إلى الأخبار لكن خبرا عاجلا نقل إليه من جار آخر يعلمه أن أسرته قد أبيدت بقذيفة حوثية.

 

وعلى صوت عويل النساء وبخوف يرج جسده، هرع عمر إلى منزله ليجد أسرته ملقية على الأرض فظنهم قد قتلوا جميعا حتى أغمي عليه ليكون أحد ضحايا هذه الجريمة وإن لم تطله نيران العدوان الحوثي الغاشم.

 

لم تخلف جريمة مليشيا الحوثي هذه قتلى، لكنها أدت إلى إصابة الأسرة بالكامل ما عدا الأب، أصيبت الأم وأبناؤه كلهم (عددهم ٤) وقتل ١٢ رأسا من الغنم التي تملكها الأسرة وتعتمد عليها في توفير احتياجات العيش الممكن.

 

اليوم ترقد الأم بجسد منهك أكل عليه الزمن وشرب داخل غرفة مظلمة، مقيدة الحركة بعد أن أصابها الشلل كما يقول زوجها، بينما الأبناء تعرضوا لتشوهات في أجسادهم ويعانون بين الحين والآخر من آلام في أماكن الإصابة.

 

يذكر الحاج عمر لفريق "وكالة ٢ديسمبر" الذي زار المكان، أن قذائف حوثية تتساقط في فناء منزله ومحيطه بشكل مستمر، بعضها لم تنفجر، فيما إحداها تسببت بهذه الكارثة المروعة التي عادة ما تتكرر في مدينة حيس.

 

ألغام ونيران الانتقام الحوثية، تعتبر كل شيء يمت لحياة اليمنيين بصلة، هدفا مشروعا، ولا يهم بعدها، هل الهدف عسكري أم مدني؟ هل هو "تحصين" أم منزل؟ هل الدم المسفوك لشاب أم لشائب أم لطفل، لرجل أم لامرأة؟ هل المستهدف إنسان أم حيوان أم زرع؟.

 

الموت أو الإعاقة أو السجن أو المعيشة الضنكى هي خيارات اليمنيين في العهد الحوثي المرّ.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية