خرج عبد الله، ذو العشر السنوات، مع شقيقه نادر، لينتزعا بعض المرح الطفولي جوار منزلهما المتواضع، وليضعا بعض عناء تحملاه دون جريرة، بدأ بنزوح مع والديهما، من قرية تهامية وقعت ذات يوم غافل في أسر عصابة كهنوتية عاثت في الأرض الفساد.
 
عاد الطفلان مع الأسرة ضعيفة الحال، إلى القرية بعد تحريرها من الفك الحوثي الدموي.
 
قرب المنزل وجد عبد الله ونادر شيئا ما، ظناه لعبة بعث بها القدر ليعوضا بها حرمانا من لُعب أطفال، كثيرا ما سمعا عنها، دون أن يحصلا عليها كسائر أطفال العالم، وكحق لسنوات براءة تسبق ثقل الحياة.
 
أخذا اللعبة، ليعززا مرحهما، وفجأة، دوى انفجار شديد سمعه أهالي الحيمة في مديرية التحيتا.
 
لقد كانت لعبة عبد الله ونادر، هي مصدر ذلك الانفجار، عرف الكبار، وعبد الله أن اللعبة لم تكن سوى قذيفة حوثية أسكنتها المليشيا أمام منزل أسرة أحمد علي، والد الطفلين الضحية، لتستكمل هذه المليشيا المجرمة حلقة معاناة هذه الأسرة التهامية، في لعبة موت أتقنتها منذ خروجها من جبال مران.
 
أجزاء من الثانية كانت كفيلة بإنهاء فرحة الطفولة، وفتح الستار على مأساة جديدة لأسرة تهامية، اختصرت حياة نادر، وأخذت من عبد الله يده وقدمه، فأقعدته عاجزا عن فعل شيء، وأقعدت معه والديه ليظلا بجوار طفلهما، وليبقيا سندا وحيدا لصغير كان من حقه أن يكبر، ويطمح، على الأقل في حياة طبيعية. 
 
ما لاقاه أطفال تهامة من جرائم الكهنوت الحوثي لم يلاقه أحد في اليمن.
 
 بشاعة حوثية كهنوتية تسببت في جرائم لا تحصى طالت آلاف الأطفال، من بينهم عبدالله احمد علي الذي كان له نصيب من جرائم الحوثيين في منطقة الحيمة الواقعة جنوب مديرية التحيتا.
 
مذ أن دخلت مليشيا الحوثي الإرهابية الى الحيمة غادرت أسرة أحمد علي نحو النزوح، ومع إعلان خبر تحرير القرية قررت الأسرة العودة إلى منزلها فكانت المليشيا تترصدها بقذيفة وضعتها أمام باب المنزل، فكانت سببا في نكبة هذه الأسرة. 
 
رابع أيام العيد في شوال، خرج عبدالله رفقة شقيقه نادر، فوجدا قذيفة مخفية أمام الباب فظنا أنها لعبة، حاولا اللعب بها لكنها انفجرت بهم فجأة لتقتل نادر، وتتسبب بإصابات بليغة لعبدالله، ما زال يعاني منها حتى اليوم. 
 
أصبح عبدالله اليوم معاقا لا يقوى على الحركة، فقد تسببت القذيفة ببتر يده وقدمه، وإصابته في أجزاء متفرقة من جسده، ليصبح اليوم عبئا حزينا على الأسرة.
 
 قرر الأب أحمد علي ترك العمل في البحر، والبقاء في المنزل لرعاية الطفل الذين يعاني أوضاعا صحية صعبة تسببت في نحول جسده البريء، فيما أمه تدوام ليل نهار على رعايته وتقديم الطعام والشراب له خاصة وأنه غير قادر على فعل شيء لوحده.
 
ويأمل عبدالله أن يجد اليوم من يرأف لحاله ويساعده على تخطي هذه الإصابة، والحصول على طرف صناعي يساعده في الحد الأدنى على الحركة والخروج من سجن الإصابة الذي يرزح فيه منذ أن أصيب. 
 
وكانت وما تزال، مليشيا الحوثي تمارس شتى الجرائم بحق الإنسانية والأطفال في تهامة خاصة اليمن عامة، الأمر الذي خلف وضعا كارثيا بحق الطفولة وأنتج معاناة إنسانية غير مسبوقة.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية