اتهم المندوبون الدائمون لدى الأمم المتحدة البريطانية كارين بيرس والفرنسي نيكولا دو ريفير، والألماني كريستوف هيوسيغن، إيران بأنها طورت صواريخ باليستية قادرة على حمل رؤوس نووية، في انتهاك واضح لقرار مجلس الأمن رقم 2231. في خطوة يمكن أن تفتح الباب أمام آلية إعادة فرض العقوبات الدولية على طهران، أو ما يسمى «سناب باك»، بعدما كانت رفعت غداة التوصل إلى خطة العمل المشتركة الشاملة، أي الاتفاق النووي. وهذا ما رفضه المسؤولون الإيرانيون، مؤكدين أنهم «مصممون» على مواصلة نشاطات الصواريخ الباليستية ومركبات الإطلاق الفضائية.
 
ويُعتقد أن إيران تمتلك الترسانة الأكبر والأكثر تنوعاً من الصواريخ الباليستية في الشرق الأوسط، وفقاً لتقديرات أجهزة الاستخبارات في الولايات المتحدة، مع مخزون كبير من الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى التي يمكن أن تضرب أهدافاً في كل أنحاء المنطقة. وسارع المسؤولون الإيرانيون إلى انتقاد الرسالة التي وجهها السفراء الأوروبيون الثلاثة الأعضاء في مجلس الأمن إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والتي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، في شأن الانتهاك الخطير للاتفاق الذي وقعته إيران عام 2015 مع «مجموعة 5+1» للدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن: الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين بالإضافة إلى ألمانيا. وبذلت الولايات المتحدة وحلفاؤها على مدار سنوات جهوداً لتقليص إمكانية قيام إيران بتطوير صاروخ باليستي مسلح نووياً. وشكلت هذه الجهود جزءاً رئيسياً من اتفاق عام 2015 الذي يهدف إلى تقييد قدرة طهران النووية مقابل رفع العقوبات الدولية عنها. وانسحبت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مايو (أيار) 2018 من الاتفاق، الذي ظل حتى الآونة الأخيرة يحظى بدعم الدول الخمس الأخرى.
 
وأورد السفراء الأوروبيون الثلاثة أربعة أمثلة على النشاط الذي يشير إلى الصواريخ ذات القدرة النووية، موضحين أن «تطوير إيران للصواريخ الباليستية ذات القدرة النووية والتكنولوجيات ذات الصلة لا يتفق» مع القرار 2231 الذي يحظر عليها القيام بذلك. وكتبوا أن «هذه النشاطات هي الأحدث في سلسلة طويلة من التقدم في تكنولوجيا الصواريخ الباليستية الإيرانية.

وتشير الرسالة إلى صور أخذت خلال اختبار لصاروخ جديد من طراز «شهاب 3» في يوليو (تموز) الماضي، والذي يصل مداه إلى نحو 600 ميل (965 كيلومتراً)، موضحة أن نظام الدفع المستخدم في «شهاب 3» مصنف من الفئة الأولى لنظام التحكم في تكنولوجيا الصواريخ، وبالتالي فهو قادر تقنياً على إيصال رأس نووي. وتشير إلى أن الصاروخ هذا مزود بمحرك جديد يسمح له بدخول أفضل من الطبقات الجوية المرتفعة في اتجاه هدفه على الأرض، ولذلك «من المحتمل أن يعمل على تحسين دقة الصواريخ التي تنتج في المستقبل وتتيح تحديث مخزونات الصواريخ الحالية، مما يزيد من دقتها». وتعتبر هذه التكنولوجيا إشارة مهمة تسمح نظرياً للصاروخ الباليستي بالمناورة ضد أنظمة الدفاع الصاروخي.
 
وقال مسؤول أميركي إن الاتهامات الواردة في الرسالة المشتركة تأتي في الوقت الذي تتبعت فيه وكالات الاستخبارات الأميركية ووزارة الدفاع «البنتاغون» حركة عدد من الصواريخ الباليستية الإيرانية قصيرة المدى في العراق خلال الأسابيع الأخيرة. ودعا القرار 2231 إيران إلى الامتناع عن النشاطات المتعلقة بالصواريخ الباليستية المصممة لتكون قادرة على إيصال أسلحة نووية.
 
وانتقد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف هذه الرسالة من الدول الأوروبية الثلاث، واصفاً إياها على «تويتر» بأنها «كاذبة يائسة للتستر على عدم الكفاءة البائسة في الوفاء بالحد الأدنى من التزامات (الدول الثلاث) الخاصة بخطة العمل المشتركة الشاملة».

ورداً على رسالة المندوبين الثلاثة، كتب المندوب الإيراني مجيد تخت رافانشي رسالة مضادة وجهها إلى غوتيريش وإلى رئيس مجلس الأمن للشهر الجاري المندوبة الأميركية كيلي كرافت، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها أيضاً، معتبراً أن رسالة بيريس ودو ريفير وهيوسيغن تتضمن «محاولة لتقديم تفسير تعسفي للفقرة 3 من المرفق باء لقرار مجلس الأمن 2231».

وقال: «بذلت محاولة فاشلة لربط نشاطات إيران المتعلقة بإطلاق المركبات الفضائية بتنفيذ الفقرة 3 من المرفق باء بالقرار 2231». ورأى أن «نشاطات إيران المتعلقة بالإطلاق المركبات الفضائية والصواريخ الباليستية تقع خارج نطاق أو اختصاص القرار 2231 ومرفقاته».

وأكد أن بلاده «ترفض الادعاءات الواردة في تلك الرسالة»، مشدداً على أن «إيران مصممة على مواصلة نشاطاتها بحزم فيما يتعلق بالصواريخ الباليستية ومركبات الإطلاق الفضائية، وكلاهما يدخل في نطاق حقوقها الأصيلة بموجب القانون الدولي وهما ضروريان».

وبدأت إيران عملية الانسحاب الجزئي من الاتفاق النووي في مايو (أيار)، واستأنفت أجزاء من برنامجها لتخصيب الأورانيوم. وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، أعلنت أنها ستعاود ضخ غاز اليورانيوم في أجهزة الطرد المركزي التي يبلغ عددها 1044 في محطة فوردو، وهي خطوة يمكن استخدامها في النهاية لتطوير سلاح نووي.
 
المصدر: الشرق الأوسط

 

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية