بالتزامن مع الجهود الحكومية وفي إطار مبدأ التكافل الاجتماعي والمساندة وتقديم الدعم، خصوصاً في وقت الأزمات الشديدة مثل الوضع الحالي الذي يمر به العالم جراء تفشي فيروس كورونا، انطلقت في مصر أخيراً العديد من المبادرات الفردية التي تبناها شباب في الأحياء السكنية، تهدف إلى نشر الوعي وتقديم الدعم لمن يحتاج إلى خدمة معينة، وبخاصة كبار السن، بالإضافة إلى مبادرات أخرى على نطاق المحافظات هدفها خلق حالة من التعاون والمآزرة بين أبناء المدن المختلفة.
 
وتأتي هذه المبادرات في إطار الحاجة الماسة إلى التكامل بين الجهود الحكومية والأهلية لعبور أزمة كورونا بسلام، وبأقل قدرٍ من الخسائر، وبخاصة بالنسبة إلى الفئات التي تعتبر الأكثر تضرراً.
 
نشر الوعي وتعقيم المتاجر
 
وتتركز أهم أنشطة هذه المبادرات في العمل على تعقيم المتاجر وأماكن التجمع في كل منطقة، ومد الفئات الأكثر احتياجاً بالمطهرات والمعقمات، ونشر الوعي بطرق استخدامها وكيفية حماية أنفسهم من فيروس كورونا، كما تقدم العون لمن يحتاجه سواء في شكل مادي أو بتوفير الاحتياجات الأساسية لغير القادرين.
 
توصيل الطلبات إلى المنازل
 
حازم، شاب عشريني يقطن في أحد الأحياء الواقعة على أطراف محافظة الجيزة، نظَّم مع مجموعة من شباب منطقته مبادرة تهدف إلى مساعدة كبار السن في توفير متطلباتهم من المتاجر حتى لا يضطرون إلى النزول في مثل هذه الظروف، وقال لـ"اندبندنت عربية"، "تعاونت مع مجموعة من شباب المنطقة في القيام بهذه الخدمة، ونشرنا أرقام هواتفنا على صفحات الحي بمواقع التواصل الاجتماعي، وطلبنا من كل مَنْ يحتاج مساعدة الاتصال بنا، بحيث نشتري له كل متطلباته ونوصلها إليه حتى باب المنزل، حماية له من النزول إلى الأماكن المزدحمة، وهذا دور لا بد لنا أن نقوم به".
 
يتابع "لا نقصر خدماتنا على كبار السن، وإنما أي شخص لا تساعده ظروفه على النزول، مثل سيدة تقيم وحدها مع أطفالها في البيت، أو شخص مريض، ومن ثم نقدم خدماتنا لكل من يعاني من ظروف خاصة ويحتاج إلى المساعدة، ولا نتقاضي أي أجر نظير عملنا هذا، لأن ما نقوم به واجب وخدمة لأهلنا من سكان المنطقة".
 
مساعدات إنسانية
 
فئات كثيرة في كل المجتمعات تضررت مادياً جراء الأزمة الحالية، وتحتاج إلى مساعدات إنسانية، وعلى رأسها العمالة غير المنتظمة والحرفيين والعاملين في أماكن كثيرة أغلقت أو تم تقنين ساعات عملها، ما ألحق بهم ضرراً مادياً كبيراً، وجعلهم في أولويات أصحاب الأيادي البيضاء الذين سارعوا بالعمل على توفير ما يسد احتياجات هذه الفئات. وفي هذا الصدد تقول هناء، إحدى المشاركات في مبادرة لدعم الفئات الأكثر تضرراً في مدينة طنطا التابعة لمحافظة الغربية (شمالي القاهرة)، "أطلقنا هذه المبادرة بشكل فردي لدعم الأشخاص الأكثر تضرراً من الوضع الحالي، وننشر جهودنا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ونشجع سكان المناطق المجاورة لنا على مشاركتنا هذا العمل، حيث نوفر الاحتياجات الأساسية لمن تأثرت دخولهم بشدة أو من يعملون بأجرٍ يومي".
 
وتوضح "على رأس الفئات التي نعتبرها أكثر تضرراً العاملات بأجر يومي في المنازل وصغار الحرفيين الذين لا يوجد طلب على أعمالهم في هذه الأيام، وكذلك عمّال الورش التي قننت ساعات عملها نتيجة عدم وجود طلب على إنتاجها في ظل الظرف الحالي، حيث نوفر لهم جميعاً احتياجاتهم الأساسية إلى أن تنتهي هذه الأزمة".
 
التعقيم والتوعية
 
ولأن الوقاية هي السبيل الرئيس للحماية من فيروس كورونا، فإن الاهتمام بالنظافة والتعقيم من الأمور التي لم تعد رفاهية أو مجال اختيار، إلا أن هناك بعض الأشخاص ينقصهم الوعي الكافي، ما يشكل خطراً كبيراً عليهم وعلي من حولهم، ومن هنا أصبحت هناك ضرورة لوجود دور مجتمعي للتوعية بهذا الأمر.
 
في هذا الإطار، شارك سامح، وهو طالب جامعي يدرس في كلية التجارة، أبناء منطقته الشعبية في القاهرة في مبادرة لتعقيم المحال التجارية الصغيرة وتوعية أصحابها بكيفية التعقيم بشكل صحيح وسبل الحماية والوقاية من الإصابة بالمرض، حيث يقول "أعمل مع مجموعة من الشباب في منطقتي على نشر الوعي بين الناس بكيفية الوقاية من فيروس كورونا، وقمنا بتعقيم المنطقة والمحال التجارية ومداخل المساكن وتعريف الناس بكيفية القيام بذلك يومياً".
 
يواصل "لم يقتصر نشاطنا على ذلك، وإنما قمنا بتوزيع الكمّامات والقفازات والمطهرات على عمّال النظافة في الشارع وتوعيتهم بضرورة استخدامها وكيفية حماية أنفسهم، وأرى ضرورة قصوى لتكاتف الجهود الأهلية مع الدولة في هذا الأمر، إذ لا بد أن يتعامل الجميع بإيجابية حتى نتمكن من عبور الأزمة".

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية