لكل من سألني يوما ولم أجب ..لكل من يعرفني ويريد الإجابة الصحيحة.. للذي وجه لي ذات السؤال الذي رفضت الإجابة عنه مرات ومرات لسبب سخف السؤال ، لكل واحد فيكم ، للقاصي والداني ، للمحب والكاره ..لماذا تبجل طارق صالح ؟
 
لكم جميعا : منذ ولدت لم تحجزني بهذه البلاد فكرة ، ولم أقف هناك في بلدتي أعد رمال الوادي الكبير ، بل تفرغت لنفسي ، وللعالم ، قرأت العالم والذوات العالمية ، خبرت الإنسان ، ونوعية الفطرة ، تحدثت عبر الرؤيا مع شخصيات كثر ، شاركت كل ملاحم العالم القديم معاركه ، هربت مع الداخل قبل أن يطلق عليه صقر قريش واسمه عبدالرحمن الداخل من دمشق إلى قرطبة ، وثرت مع أبي الصباح ، ودسست رأسي هربا من الذبح في عمامة العباسي!!
 
قلدني المأمون شؤون التراجم في دار الحكمة ، تكلمت مع المتكلمين ، كنت جبريا هنا وقدريا هناك ، وساعدت الشافعي في تنضيده مذهبه ، وحكت أوتار الموصلي ، ورقصت مع زرياب ، وهزمتني الجارية تودد وشربت الخمر مع ابو نواس ، ووقفت ضد المعتصم في فتنة خلق القرآن ، ومعه في عمورية ، كنت أعشق جرأة الخراساني ، ودفنت ابن عباد وانا من صحت في أغمات الصلاة على الميت الغائب ، المعتمد كله 
 
أحفظ تأريخ كل شيء ، حتى أنني أحفظ نوعية الماكياج في وجه المياسة ، ثمة لون من شجر الصحراء ، ونظرت مع زرقاء اليمامة ، ولم أرَ شيئا ، وكان ابن خلدون يملأ لي مقدمته ، والأموي الأول أنا من ساعدته ، قلت له الفضل لعلي ولك الحكم ، كل شيء في ذاكرتي ، من طروادة إلى اسبرطة ، إلى غرناطة ، وقبلهن كلهن في قرطاجة وحنبعل ، والألب ، والبرانس وكل تكيات العالم ، في الأناضول ، على طريق التبريزي ، رقصت معه رقصة سما ، وهربت مع جلال الدين من غزنة ، ولم أقتل معه بجبال الأكراد ، وطفت في البراري كلها ، اليمني الشارد ، الذي بدأ في تعز وأنتهى به المطاف يروح ويجي حتى اللحظة.
 
مشيت مع أخيليوس ، مع الإسكندر ، مع الهرقل الذي قتل بنيه خوفا على الكرسي ، مع المحارب وجنده الثلاث مائة ،مع النعمان، وأنوشروان ، ومع الفايكنج ، مع بيدبا في قصر الهند ،مع الهند ، والغرب،
مع القادة ،والخونة، مع الرجال والنساء.
 
أعرف من أين بدأ العالم ، وكيف بدأ الشره الإنساني للقتل ، وكيف بزغت البطولات ، من أين ، ولي خبرة بالرجال ، وموطني الأول هو الكون ، الكون لا سواه ، ولا يمكن لأحدكم أن يماري هذا الشاب التافه الذي هو أنا بحكاية التغيير الديموغرافي ،أنا الذي طفت من قريتي الكون كله ، لم أقف بمكان وشربت عصارة العصور ، أرى بأم عيني الحقيقة ، فمن لم يستطع أن يقنعني أن إسبانيا ليست حقي لن يستطع إقناعي أن طارق صالح غازٍ لبلاد تعز ، أنا المؤمن أن الكون للكون لن أكفر يا صديقي أن اليمن لليمنيين، لن أقول أن تعز للتعزيين ، بل إن صنعاء لي ولك ، ولكل أحد ، أنا كوني ،هل فهمت يا صديقي ؟!
 
في ذاكرتي صرخات المواطن منذ السنوات الأولى للدماء على هذه الأرض 
والرجال على حدواتهم يقفزون ، وأول سفينة عبرت البحر ، وأول بحارة ذهب قاصدا الهند الشرقية فقاده الظلام في بحر الظلمات إلى الهند الغربية وكانت أميركا وليته لم يفعل ، ولو قلت لك أشعر أن الكون كله ملكي، وأن كل الكون ملك أي أحد ، فقط عليك أن تكون لائقا به ، ومن هذه التي لصقت بعقلي أحب طارق صالح ، وكان يمكنني أن أحبه لو كان من البلطيق.
 
أنا موطني الفكرة الرهيبة للرجال ، ولو ولد طارق في سمرقند لكنت معه أو ولد في لوكسمبورغ، لكنه من هذه البلاد ، البلاد التي تفننت في الجري خلف الأثر طيلة هذه الكرة يا صديقي ، لن تستطيع أن تماري أحداً أن ابن الجبل وابن الساحل ليسا إخوة في روزنامة التأريخ والحاضر ، قل غيرها ، الحب للعظماء لا سبب له ، إنه يتشكل في قلبك كما اللهب في ذات الحريق ،المجد للطارق ، للبطل الأخير.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية