منذ أن تدهور اقتصاد النظام الإيراني بسبب العقوبات الأميركية، بدأت الميليشيات التي تدعمها إيران في العراق بالبحث عن مصادر جديدة للتمويل، بحسب مصادر وخبراء ومطلعين تحدثوا لموقع "الحرة".
 
وأكدت المصادر أن الميليشيات التي باتت تعاني ضائقة مالية، تبحث الآن عن "الحلول البديلة" لضمان استمرارها ماليا.
 
وتمتلك الميليشيات العراقية المتنفذة، وأهمها كتائب حزب الله في العراق، وعصائب أهل الحق، وميليشيا النجباء، أصولا اقتصادية وسيطرة على نشاطات تجارية كثير منها مشبوهة وخارجة عن القانون.
 
ويقول مصدر في وكالة الاستخبارات والتحقيقات العراقية لموقع "الحرة" إن "المعلومات تشير إلى وجود نوع من الحماية مقابل المال يفرضها عناصر في الميليشيا على الملاهي الليلية ودور قمار ومحال بيع مشروبات كحولية في بغداد".
 
ويضيف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن "الحماية التي توفرها الميليشيات لتلك الأماكن تشمل الحماية من المحاسبة الحكومية، والحماية من التفجير والقتل، والحماية أيضا من المنافسة في بعض الأحيان".
 
ويشير المصدر إلى "هجمات تستهدف المحال التي لا تدفع الإتاوات الشهرية" للميليشيات.
 
وقبل أيام، هاجمت ميليشيا كتائب حزب الله معبر القائم الحدودي مع سوريا، واعتقلت موظفين فيه.
 
وفيما لا يعرف السبب الحقيقي للهجوم بدقة، تقول مصادر موقع "الحرة" إن الهجوم له علاقة "بأعمال تهريب تقوم بها الميليشيات في المنطقة".
 
وقالت مصادر الموقع إن "طريق الميليشيات للتهريب تغير من طريق السكك إلى طريق آخر، وهي تدير نشاطا عبر النهر الذي يفصل القائم العراقية عن الباغوز السورية، وتهرب يوميا عشرات الزوارق المليئة بالمواد والمسلحين بين الجانبين".
 
وتدير الميليشيا أيضا نشاطا لتهريب البشر في المنطقة مقابل أموال، يقول المصدر وهو من شرطة مدينة القائم العراقية إن الميليشيات "تتقاضى مبلغ 200 دولار للشخص الواحد مقابل السماح له بالسفر إلى سوريا بدون جواز سفر، كما إنها تهرب عوائل عناصر داعش من مخيمات سوريا إلى العراق مقابل أموال".
 
وتحتاج الميليشيات إلى تمويل مستمر، مع إنها "تعمل بميزانية منخفضة نسبيا"، بحسب الخبير في الجماعات المسلحة والصحفي أحمد الزبيدي.
 
ويقول الزبيدي لموقع "الحرة" إن "الميليشيات الكبيرة تمتلك قنوات فضائية وإذاعات وجرائد، وجيوشا إلكترونية، بالإضافة إلى أذرعها المسلحة العلنية والسرية وعشرات المقرات داخل العراق وبعضها خارجه، كما إن كل ميليشيا تمتلك مئات السيارات وبحاجة إلى التسليح المستمر، وهذا يحتاج إلى أموال كبيرة".
 
ويضيف الزبيدي "كانت الميليشيات تحصل على الجزء الأكبر من التمويل السنوي من إيران، وأيضا تحصل على خدمات من حزب الله اللبناني، لكن الأزمة الاقتصادية الخانقة في البلدين جعلت التمويل يضعف".
 
وأظهرت صورة كشفت عنها السلطات العراقية مؤخرا، صاروخ كاتيوشا مجهزا للإطلاق على قاعدة خشبية بسيطة، بدلا من القواعد المعقدة والسيارات التي كانت تحمل الصواريخ التي تطلقها الميليشيات، في ما قد يكون دليلا على ضعف تمويلها.
 
ويقول مصدر من داخل أحد الأجهزة الإعلامية التابعة لميليشيات كتائب حزب الله لموقع "الحرة" إن "الميليشيا تمتلك قناة فضائية، وإذاعة في نفس مقر القناة، ومركزا لجيشها الإلكتروني"، وكل هذا كان ممولا من اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية الإيراني.
 
"لكن التمويل ضعف الآن" بحسب المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه.
 
وتوفر إيران التدريب ونفقات السفر خارج العراق، فيما تعتمد الميليشيات على "نفسها" لتوفير نفقات أخرى.
 
وحتى قبل عام أو أكثر، كان التنظيم المالي للميليشيات سلسا، إذ "تستثمر إيران" في وجود الميليشيات التي توفر لها تأثيرا كبيرا على القرار في العراق، كما أنها "تضمن مصالح إيران الاقتصادية" في العراق الذي يعتبر "رئة" تتنفس منها إيران خلال العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة، بحسب خبير اقتصادي تحدث لموقع "الحرة".
 
ويقول الخبير علي المعموري، وهو اقتصادي ورجل أعمال إن "البنوك الإيرانية والمتعاونة مع إيران تحصل على تفضيلات في مزاد العملة العراقي ما يعني أرباحا يومية بملايين الدولارات، بالإضافة إلى تسهيلات الاستيراد، وفرض القيود على الصناعة والزراعة الوطنية المنافسة للمستورد الإيراني".
 
وبحسب المعموري فإن "العلاقة الاقتصادية مع إيران، ذات اتجاه نفع واحد، وتحرص الميليشيات على بقاء الوضع كما هو عليه".
 
ويقول المعموري إن "الحلول التي تستطيع الميليشيات الاعتماد عليها هي زيادة النشاط غير المشروع مثل التهريب وفرض الحماية، لكن هذه الأنشطة مرهونة بوضع اقتصادي جيد في الداخل، ومن السخرية أن الميليشيات ساعدت بشكل كبير في تخريب الوضع الاقتصادي، وهي تدفع الثمن الآن".
 
ويضيف المعموري قوله: "من وجهة نظر اقتصادية، فإن الميليشيات هي أضعف ما يكون حاليا، ويبدو أنها تغامر بالخروج وكشف نشاطاتها للعلن بدافع اليأس المادي، في حال حرمت الميليشيات من مصادر تمويلها فسيكون من الصعوبة عليها الاستمرار، خاصة وأنها توسعت بشكل كبير".
 
المصدر: الحرة

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية