ليس من الشائع أن تجد أبطالاً يقررون مواجهة الموت ليحيا غيرهم بسلام إلا فيما ندر؛ لكن في الساحل الغربي لا يعد هذا الشرف غريبًا لدى أبطال يتسابقون ليهبوا أرواحهم فداء لتربة وطنهم وأبنائه مع علمهم أنهم أمام موتٍ محتم فيختارونه لكي لا ينال من أبرياء تهامة.
 
مسافات طوال قطعها البطل الجمهوري "معين" ليصل الساحل الغربي ويلتحق برفاقه في المقاومة الوطنية، لم يفضل البقاء خارج ميدان النزال مستمعًا لبطولة زملائه، بل كان بطلاً تتناقل الأسماع بطولاته في معترك استعادة الدولة من مليشيا الحوثي الإجرامية وصون حياة وكرامة الإنسان اليمني.
 
يوم الحادي والعشرين من سبتمبر 2018م، أصر معين المنتسب لإحدى الفرق الهندسية بالقوات المشتركة على المشاركة في مهمة هندسية لنزع الألغام من مخلفات الكهنوت، تزامنت مع الذكرى الرابعة للنكبة الحوثية، فاهتدى بعزيمة وطنية خالصة إلى حقل ألغام في مزارع نخيل بمنطقة الجاح.
 
لقد خرج البطل المتحلي بالشجاعة ليطهر رقعة من أرض عزيزة عليه ملأها الحوثي بالألغام، لم يأبه "معين" البتة لخطر مدفون تحت الثرى بقدر ما كان يخشى أن ينال هذا الخطر من حياة الأبرياء، رعاة الماشية والمزارعين والفقراء والصيادين، ولذا دفع بنفسه مُجازِفًا الى الخطر مهما كانت الكلفة التي سيدفعها في سبيل أن تكون آمنةً عامرةً بالخير.
 
معين جاء بطلا بالفطرة، شاجعًا فدائيا، وحينما كان يحفر في أطراف لغم أرضي لينزعه، سقط عذق نخل على دواسة اللغم التي وضعت تحت نخلة، فأطلق الصاعق منفجرا في يده اليمنى.
 
وبيد واحدة قاد سيارته ليسعف نفسه ودمه ينساب من الأخرى الجريحة، وعقب حصوله على الإسعافات الأولية، نُقل إلى الدريهمي، ومنها إلى عدن التي أخذ منها جرعة تعافٍ، قبل أن ينقل إلى مصر للاستكمال العلاج.
 
اليوم لا يهدأ بالٌ لمعين، الجندي الذي يحفز في داخل زملائه شعور الوطنية والانتماء، الرجل الذي صار مدرسة في البطولة، وعنوانًا للفداء، ونقطة مضيئة في درب التحرير، يقتبس منها المناضلون دروس الكفاح، ليواصلوا مشوار النصر، حتى آخر شبرٍ من الأرض الجمهورية.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية