يعد ميناء الحديدة البوابة الرئيسة للبلد لإدخال المعونة والغذاء والأدوية والسلع التجارية، وهو المصدر الرئيس للأسلحة الحوثية المهرَّبة والإيرادات المغتصَبة، ولذا فإن انتزاع مدينة وميناء الحديدة من مليشيا الحوثي سيمثل أكبر نكسة يواجهها المتمردون منذ انقلابهم، مما يمهد الطريق لتحرير تعز، وإب، وذمار، وفي النهاية العاصمة صنعاء.

 

ونظراً للمعاناة التي ألحقتها مليشيا الحوثي بالشعب اليمني، فإنه من الأجدر الترحيب بهزيمتهم المحتملة.

 

إن وضع الحديدة الحالي ليس في يد من تأمل منه الديمقراطية، بل في أيدي أولئك الذين يعارضونها بشدة، وهم في الحقيقة من تدعمهم إيران التي تتباهى بسيطرتها على أربع عواصم إقليمية.

 

وما يبدو أن الاهتمام الدولي غفل عن حقيقة الحوثيين الذين هم في الحقيقة جماعة دينية شيعية متطرفة، وهم سلالة مختلفة تماماً تتطابق أيديولوجيتها مع إيران الثورية، وتدعي حقها الإلهي في الحكم والسلطة والثروة.

 

وبما أن معاقل المتمردين الحوثيين تقع في محافظة صعدة الجبلية على الحدود السعودية.. لكن، لماذا يريد المتمردون الحوثيون السيطرة على الموارد القيمة في الحديدة؟ ذلك لأن الميناء الرئيس فيها يعد شريان حياة بالنسبة لهم، لتهريب الأسلحة من إيران وجني إيرادات وجمارك كبيرة تذهب إلى جيوبهم وليس إلى الخزينة العامة.

 

ولكن وفي حال انتزعت القوات اليمنية المشتركة السيطرة على مدينة وموانئ الحديدة، فإن الطريق ستكون مفتوحة إلى العاصمة صنعاء التي سيقاتلون فيها بأسنانهم وأظافرهم. وهو نفس المكان الذي هزمت فيه الحكومة اليمنية على أيديهم في 2015، ووقفوا ضد تحالف دولي منذ ذلك الحين.

 

يزعم الحوثيون أن هذه الأرض وهبها الله لهم. وإذا كان هذا الخطاب مألوفاً فلأن تنظيم الدولة "داعش" يقول الشيء نفسه، بعد أن استهدفوا الجيش العرقي شمال العراق.

 

المقارنة ليست مجرد تعمق فلسفي، بل إن الجماعتين تسعيان إلى إقامة دولة خاصة بها مدعية الحق الإلهي في الحكم وترويع من يخالفوهم.

 

كان هناك دعم عالمي لسحق تنظيم داعش لأننا رأينا أن المتطرفين الذين يسيطرون على الأراضي يشكلون تهديداً للنظام العالمي. ولذا، حان الوقت للتعامل مع الحوثيين بنفس الطريقة التي تعامل معها العالم ضد تنظيم داعش الإرهابي.

 

 

* صحيفة التايمز البريطانية

* الكاتب: بيتر ويلبي خبير في الجماعات المتطرفة واستشاري كبير في مؤسسة توني بلير للأديان، وعاش في اليمن من عام 2007 حتى 2008.

* ترجمة فارس سعيد لـ "وكالة خبر"

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية