لم تفلح معالجات ميليشيات الحوثي الانقلابية في انهاء أزمة الغاز المنزلي التي أكملت شهرها الأول في العاصمة صنعاء، وبعض المحافظات الخاضعة لسيطرتها، واستمرت الأزمة لتنتقل من الطوابير الطويلة امام المحطات إلى تردد السكان بشكل مستمر أمام منازل عقال الحارات الذين اسُندت لهم الميليشيا مهمة تسويق الغاز على مستوى الحارات للسكان كأحد الحلول لمعالجة الأزمة، أملًا في الحصول على اسطوانة الغاز.

 

وبدا أن حلول الميليشيا لمعالجة الأزمة كانت بعيدة عن السبب الحقيقي، وصار واضحًا أن هذه المعالجات لم تكن مهتمة بالقضاء على الأزمة بقدر ما كانت تهدف إلى نقلها من الظاهر إلى المخفي، بعبارة اخرى هدفت إلى انهاء الطوابير الطويلة امام المحطات، بإسنادها مهمة تعبئة الاسطوانات إلى عقال الحارات، وجعلها مخفية من أمام أعين وسائل الإعلام المحلية والعربية، فضلًا عن امتصاص الغضب الشعبي المتصاعد ضدها.

 

وقبل عدة أيام اتخذت حكومة بن حبتور الانقلابية عدة معالجات لإنهاء الأزمة التي تعصف بالعاصمة صنعاء شملت تشغيل المحطات المركزية التابعة لشركة الغاز، وتخصيص مقطورات غاز منزلي وتسويقها على مستوى الحارات، وفتح استيراد الغاز، وكسر الاحتكار الحالي.

 

غير أن جميع هذه المعالجات تبخرت قبل أن تقضى على الأزمة التي تعصف بجميع المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثي، أما لماذا تبخرت قبل القضاء على الأزمة؟ تفيد معلومات بأن شركة النفط في صنعاء لم تقم بكسر الاحتكار وراحت تساعد بعض التجار الذين يملكون نفوذ واسع في الشركة على مزيد من الاحتكار.

 

وتسيطر قيادات حوثية على نسبة كبيرة من الشركات الخاصة باستيراد المشتقات النفطية للمناطق الخاضعة لسيطرتها، وهذه الشركات هي من تحتكر عملية استيراد المشتقات النفطية وبيعها.

 

استمرار الأزمة

وأمام تبخر معالجات المليشيات استمرت الأزمة في كثير من أحياء العاصمة، فيما قلت جزئيا في بعض الأحياء التي تعلل مصادر محلية سبب تراجعها إلى عدم تلاعب عقال الأحياء بتوزيع الاسطوانات على سكان الحارات.

 

وحسب ‘‘محمد يوسف’’ المواطن في منطقة حزيز جنوبي العاصمة، ماتزال الأزمة مستمرة في الحي الذي يسكنه، موضحًا أن أسرته تظل أسبوعا وأحيانا أكثر بانتظار تسلم الأسطوانة الخاصة بهم من عاقل الحي.

 

وأضاف: “يتم ترقيم المنازل ويأتي عاقل الحارة بأخذ الأرقام وأخذ اسطوانة الغاز الفارغة، مع ثلاثة الآلاف ريال قيمة الدبة، و400ريال له"، وتظل عنده لفترة تتراوح بين خمسة أيام وعشرة أيام".

 

ولا تختلف الأزمة في حي حزيز عن شارع القاهرة، حيث تقول مواطنة رفضت ذكر أسمها أن أسطونه الغاز وصلت إلى أسرتها يوم أمس الأول، بعد أكثر من أسبوع من تسليمها لعاقل الحارة، مضيفة أن اسرتها ظلت طوال الأسبوع الماضي تشتري الوجبات اليومية من خارج المنزل، بعد نفاذ كمية الغاز المتوفر لديها".

 

لكن الأزمة قلت جزئيًا في حي عصر غربي العاصمة صنعاء، حيث تقول أسيا الصراري أن الحصول على اسطوانة الغاز صار سهلا نسبيا، حيث أن فترة الحصول على الأسطوانة لا تتعدى أكثر من يومين، معللة اختلاف حال الأزمة في الحي الذي تسكنه عن بقية الأحياء بأن عاقل الحي لا يتلاعب بتوزيع الاسطوانات عند وصول كمية الغاز إليه.

 

وتشير إلى تلاعب عقال أحياء اخرى مجاورة للحي الذي تسكنه حيث تقول إن كثير من سكان تلك الأحياء يشكون من تلاعب عقالهم"، وعدم حصولهم على كمية الغاز إلا بعد أيام من المتابعة والمعاناة التي لا تختلف عن متابعة الحصول على اسطوانة الغاز من أمام المحطات قبل عدة أيام.

 

كذلك، لا يختلف حال أصحاب المطاعم والبوافي عن حال السكان فيما يتعلق بأزمة مادة الغاز المنزلي، حيث يقول مالك بوفية في جولة الجامعة: “أنه اضطر لتقديم وجبة الصبوح فقط، ويغلق ابوابه بقية اليوم بعد استمرار أزمة الغاز" وصعوبة الحصول عليه خصوصًا مع حصر عملية التوزيع عبر عقال الحارات.

 

ويضيف: “أنه اضطر أيضا إلى رفع أسعار الوجبات اليومية"، مُزيدًا: “البحث عن اسطوانة غاز اصبحت عملية صعبة، ما يدفعني لشراء الاسطوانة من عاقل الحارة بقيمة لا تقل عن 6ألف ريال".

 

وأغلقت العديد من المطاعم والبوافي أبوابها في العاصمة نتيجة استمرار أزمة الغاز المنزلي، رغم أن المليشيات اعلنت توزيع اسطوانة الغاز لملاك المطاعم والبوافي عبر نقابة خاصة بهم، غير أن مالك البوفيه قال أنه لا يعلم حتى أنه يوجد نقابة خاصة بالمطاعم والبوافي، ومتابعًا، أن الكثير من مالكي البوافي مثله لا يعلمون شيء عن هذه النقابة.

 

عقال الحارات ينضمون إلى تجارة الاسواق السوداء

لم يتردد الكثير من عقال الحارات في العاصمة في استغلال فرصة وصول كميات الغاز إلى يدهم للانضمام والمشاركة في تجارة الغاز بالأسواق السوداء.

 

وتفيد معلومات موثوقة أن انضمام عقال الحارات إلى السوق السوداء يتم عبر اخذ كميات من الغاز المخصصة للسكان في مناطقهم، بعضهم يبيعها في السوق السوداء مباشرة، والبعض الاخر يبيعها لملاك المطاعم والبوافي بأسعار تتراوح ما بين 600- 700ألف ريال.

 

وبالعودة إلى ’’ محمد يوسف‘‘ يقول إن  الحارة المجاورة له فيها ثلاثة عقال يستلمون كمية الغاز ولا يوزعون للسكان سوى القليل، فيما تذهب البقية إلى السوق السوداء حيث تباع الاسطوانة بسعر 6000ريال.

 

وتابع، أن عاقل حارة يدعى ’’ مفرح‘‘، وأخر يدعى ’’كباس‘‘، يسجلون اسماء المواطنين لكنهم لا يعطوهم غاز، ويقومون ببيعها عبر اشخاص تابعين لهم في الاسواق السوداء، بطريقة سرية.

 

ويُضاف إلى جانب عقال الحارات، قيادات حوثية تجبر مالكي بعض المحطات على بيعها كميات كبيرة من الغاز وتقوم ببيعها في الأسواق السوداء بأسعار باهضه.

 

وأمام فشل المعالجات وازدهار السوق السوداء واعترف المليشيا اعلاميًا بفشل حلول أزمة الغاز، تدخل معاناة سكان العاصمة صنعاء فصلًا جديدًا، لا يقون على تحمله، خصوصًا في ظل استمرار رفض ميليشيا الحوثي تسليم رواتبهم منذ ما يزيد عن عام، وارتفاع اسعار المواد الغذائية والمواصلات، فضلًا عن ضغوطات يتعرضون لها من قبل مالكي المنازل بسبب عجزهم عن دفع ايجارات الشقق التي يسكنون فيها.

 

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية