يرتبط بتوقيع اتفاقات السلام مشهد تصافح الفرقاء الذي يبقى في الذاكرة سنوات، وينتشر على الإنترنت والمنصات الإعلامية صورا ومقاطع فيديو.

وبعد أيام من المفاوضات الشاقة في جوبا، تقترب الخرطوم والحركة الشعبية "ِشمال" بقيادة عبد العزيز الحلو من توقيع اتفاق إطاري يمهد لسلام ينهي سنوات من الصراع، وفق سياسي ومحلل. اختراق أمني وقضائي

وفي جلسة مفاوضات أمس الإثنين، توصلت الخرطوم والحركة الشعبية "شمال"، لاختراق في ملفات عالقة في الاتفاق الإطاري وملف الأمن، إثر وساطة ناجحة في جوبا.

 

وقال مقرر الوساطة، ضيو مطوك، في تصريحات صحفية، إن الوساطة أجرت مشاورات مع أطراف العملية السلمية، جرى خلالها التوافق على مراجعة بعض المواقف في مسودة الإتفاق الإطاري.

 

وتابع "كما توصلنا لمعالجات بملف الترتيبات الأمنية، من بينها الاتفاق على تكوين لجنة مصغرة للوصول لصياغة موحدة ومفهوم مشترك بشأن هذه الترتيبات".

 

وأكد مقرر الوساطة "حسم الكثير من القضايا الخلافية حول النظام القضائي"، مضيفا "تبقت قضية واحدة في هذا الملف، وتم تكليف لجنة لمراجعتها ومعالجتها".

ومضى قائلا إن "جلسة اليوم حسمت معظم نقاط الخلاف بشأن مفوضية التقييم والمتابعة".

 

مطوك قال أيضا إن الكثير من القضايا الخلافية التي تضمنتها مسودة الاتفاق الإطاري هي في الأصل قضايا جرى حسمها في إعلان المبادئ الموقع في مارس/آذار الماضي بين الحكومة والحركة الشعبية "شمال" برئاسة عبد العزيز الحلو.

وتابع أن هذه القضايا "تتصل بعلاقة الدين بالدولة وحق تقرير المصير"، مطالبا أطراف المفاوضات بـ"ضرورة الالتزام بما تم الاتفاق عليه في إعلان المبادئ".

وأكد مطوك أن الوساطة "لن تقبل بمراجعة إعلان المبادئ" الذي يعتبر الأساس للمفاوضات الجارية في جوبا.

كانت الخرطوم والحركة الشعبية استأنفا جلسات التفاوض المباشرة بفندق "بالم آفريكا" في جوبا، اليوم الإثنين، بعد يومين من قرار الوساطة مد فترة التفاوض حتى 13 يونيو/حزيران الجاري.

خلافات الأمن والعلمانية

 

 

وفي وقت سابق، كشف مصدر لـ"العين الإخبارية" أن نقاط الخلاف في مسودة الاتفاق الإطاري بين الخرطوم وحركة الحلو تتمثل في تقرير المصير والعلمانية.

 

وأكد المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن الحكومة ضد تقرير المصير الذي سيقود إلى انفصال المنطقتين "النيل الأزرق" و"جنوب كردفان".

وأضاف أن هناك خلافا آخر بشأن "العلمانية"، على الرغم من أن الحكومة مع فصل السلطات، لكن في ذات الوقت ضد العلمانية بدعوى عدم قبولها من الشعب، ووصفها بـ"الصارخة".

 

وأوضح أن الحركة الشعبية بقيادة الحلو مع دمج جيش الحركة في القوات المسلحة خلال فترة عشرة أعوام نتيجة "التشوهات التي لحقت بالأخيرة خلال عهد الإخوان".

وكشف المصدر أن "الحكومة مع دمج قوات الحلو خلال الفترة الانتقالية بين أربعة إلى خمسة أعوام"، لافتا إلى أن الحلو مع إلغاء قوانين الأحوال الشخصية والزكاة.

 

وتوقع المصدر أن توقع الحكومة على الاتفاق الإطاري خلال الأسبوعين المقبلين.

 

وفي مارس/آذار الماضي، وقّعت الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية/شمال" التي تنشط في النيل الأزرق وجنوب كردفان، على بروتوكول "إعلان مبادئ" ينص على علمانية الدولة ويمهد للتفاوض بين الطرفين.إنجاز وشيك

بدوره، قال عضو الجبهة الثورية وموفدها لمفاوضات جوبا، أحمد تقد لسان، إن أطراف أي مفاوضات يطرحون سقف عالي جدا يتجاوز أحيانا المرجعيات الأساسية للتفاوض.

وأوضح تقد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن مواقف الأطراف في مفاوضات جوبا منذ البداية، لم تؤسس على مسوغات موضوعية بقدر مخاطبتها لأماني والتطلعات".

وتابع "تبنى سقف عالي غير مؤسس على مواقف أصيلة جزء من التكتيكات، والهدف منه رفع سقف المطالب والمناورة وتعزيز فرص الكسب في القضايا الأساسية".

ومضى قائلا إن "وفد الحركة الشعبية أسس مواقفه على مطالب تجاوزت المرجعيات الأساسية التي يجب أن تنطلق منها المفاوضات، وهي الوثيقة الدستورية وإعلان المبادئ الموقع بين رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان وزعيم الحركة الشعبية".

تقد أفاد أيضا بأن "معظم القضايا التي وردت في مسودة الاتفاق الإطاري كأساس للتفاوض، خرجت من الأطر المعروفة في المرجعيات محل الاتفاق بين الطرفين".

وتوقع السياسي السوداني أن تؤدي فترة التفاوض الحالية "حتى 13 يونيو حزيران الجاري" إلى حسم القضايا الخلافية بعد استخدام كل الأساليب للضغط على الأطراف، ومن ثم التوقيع على الاتفاق الإطاري الذي يمهد الطريق للتفاوض في القضايا التفصيلية المرتبطة بملفات الأزمة. "خبير تفاوض"

بدوره، قال المحلل السياسي مصطفى سري، إن الحركة الشعبية بقيادة الحلو تملك الخبرة في المفاوضات، لأنها دخلت في مفاوضات عدة في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير، ووقعت أول اتفاق معه في عام 2001 في سويسرا، ثم اتفاق نيفاشا الذي نصت على المشورة الشعبية، وهي الاستفتاء على حق تقرير المصير، لكن لم يتم تنفيذه. 

وتابع سري في تصريحات لـ"العين الإخبارية": "الآن، الحركة أعادت هذه القضية "المشورة الشعبية" إلى طاولة المفاوضات"، مضيفا "أرى أن طرح هذه القضية يعكس مساعي الحركة لضمان تنفيذ بند فصل الدين عن السياسة الذي نص عليه إعلان المبادئ الموقع في مارس "آذار" الماضي".

 

وأضاف أن الملف الأصعب سيكون الترتيبات الأمنية"، مضيفا "الأفضل الحكومة ألا تعمل بطريقة النظام البائد الذي طبق سياسة فرق تسد، لأنها أطالت عمر الحروب في السودان".

وتوقع المحلل السياسي السوداني أن تفضي المفاوضات الحالية بين الحكومة وحركة الحلو إلى توقيع الاتفاق الإطاري، الذي سيقود إلى التفاوض المباشرة في القضايا الأساسية، خاصة علاقة الدين بالدولة والترتيبات الأمنية.

وتعيش المفاوضات بين الخرطوم وحركة الحلو، انتعاشة منذ مارس آذار الماضي، بعد أشهر من الجمود.

 

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية