تدب حركة العشرات من الصيادين عند مطلع الفجر في "مرفأ" الخوخة المخصص لقوارب الصيد، وتتجمع شاحنات مثلجة تمهيداً لنقل أطنان من الأسماك يتم اصطيادها يومياً من البحر إلى أسواق اليمن وأماكن التصدير، وبعد ساعات من طلوع الشمس (عند السابعة صباحاً) تكون القوارب قد غابت عن مرأى العين بعد أن فكت مراسيها في رحلة البحث عن الرزق.

 

زيارة ميدانية قام بها فريق "وكالة 2 ديسمبر" المتواجد في الساحل الغربي، إلى المحوات (سوق بيع الأسماك)، وثق فيها الحياة التي تدب هناك بعد تحرير المدينة من قبضة المليشيات الكهنوتية، وتطبيع أوضاع الصيادين ودعمهم في استئناف أعمال الصيد المتعثرة في فترة سيطرة الكهنوتيين على الخوخة.

نقلت الأسماك التي جمعها الصيادون من البحر عند الساعة الحادية عشرة صباحاً على متن 7 شاحنات تواجدت في المحوات منذ الصباح، قال لنا أحد المسئولين في تنظيم حركة النقل هناك أن نحو 12طناً من الأسماك جمعت في رحلة الصيادين هذه، حيث تتوجه الشاحنات المحملة بأسماك مثل (العربي- الديرك- الزنوب- الجحش- القد الأصفر) وأنواع أخرى من الأسماك لها تسميات محلية عند أهالي الخوخة.

 

كان مرفأ الخوخة الواقع في مدخل المدينة من اتجاه مدينة المخا غربي تعز، مكانا مارست فيه المليشيات الكهنوتية أسوأ الانتهاكات بحق الصيادين، من فرض الإتاوات والضرائب اليومية عليهم، ومصادرة كميات من الأسماك ومحاولة استخدام قواربهم بالقوة في أغراض عدوانية، بحسب ما يقول صيادون التقينا بهم على انفراد.

 

ونهب الحوثيون نحو 300 ألف ريال يمني خلال شهر واحد على الصياد "علي" وكميات من الأسماك التي كانت تنتزع منه يومياً من قبل حوثيين يشرفون على المحوات هناك.. يضيف الصياد علي "كنا عندما نصحو صباحاً نفكر كيف ندفع ما يطلبه الحوثيون منا قبل أن نفكر بالاصطياد".

 

كان الصيادون يدفعون يومياً ثلاثة آلاف ريال (على أقل تقدير)، وبعضهم يُستغل إلى أكثر من عشرة آلاف ريال يمني، تدفع إجبارياً للمليشيات الإرهابية قبل دخول الصيادين البحر، وعندما يعودون من رحلة الصيد تصادر الجماعة كميات من الأسماك، يضاف إليه انتهاكات أخرى تمارس حسب مزاج جماعة الكهنوت ضد من لا يروق لها من الصيادين.

 

وساند الهلال الأحمر الإماراتي صيادي الخوخة، من خلال ترميم المبنى الرسمي وموقع شحن الأسماك، عوضاً عن ترتيبات يقوم بها المسئولون للتنسيق مع الهلال الأحمر لتوفير مولّد كهربائي يزودهم بما يكفي من التيار الكهربائي.

 

وجد الصياد ياسر ضالته من الصيد، وعاد باكراً، كان أول من يعود من البحر بعد أن عثر على ست أسماك كبيرة سيبيعها بأربعين ألف ريال يمني، عوضاً عن كميات من السمك المتنوع المركوم على مؤخرة القارب، يتحدث إلى الوكالة قائلاً "الرزق مسهل وكل يوم رب العالمين يفتح علينا". سؤل عن وضعه إبان فترة وجود المليشيات هنا أجاب: "جلست تقريبا سنة ونصف ما أصطاد، ولما كنت أصطاد كنت أرجع البيت ما عندي ريال واحد". وضعه اليوم يختلف عما كان عليه في السابق واستطاع بفضل حظه الوافر أن يكسب أربعين ألفاً في رحلة صيد قصيرة لم تكلفه كثيراً.

صياد آخر تحدث للفريق في منطقة الجبلية عن معاناة تكبدها مع المليشيات الإرهابية، طالب في بداية الحديث ألا يكشف عن اسمه ووافقنا. يؤكد هذا الصياد أنه تعرض للضرب مرتين من قبل المليشيات لرفضه تسليمها قاربه. يقول "حاولوا (الحوثيون) يشلوا القارب مرتين وأنا رفضت وضربوني هنا". كان يؤشر إلى مؤخرة رأسه حيث تبدو ندبة جراء جرح غائر قد التأم.

 

معاناة الصيادين مع المليشيات الحوثية طوال فترة وجودها في المناطق المحررة أبلغ من أن توصف، لكن آمالهم التي كانوا يطمحون لها تتحقق اليوم بفعل تواجد التحالف العربي والقوات المشتركة في مناطقهم وفك قيد المليشيات من سواعدهم.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية