قدر الشعوب أن تكابد صنوفا من التسلط وتوحش البغاة في مراحل عديدة وعصور مختلفة، ولا يغفل التاريخ توثيق هذه المراحل بكل مرارات أيامها والسنين، وقدر الشعوب كذلك أن يبزغ في حياتها قادة وعظماء وضباط ومحاربون وسياسيون تكون على أيديهم مهمة تغيير الواقع والانتصار للمسحوقين بهيمنة وجبروت الطغاة والبغاة، وليس تاريخ اليمنيين بعيدا عن هكذا نماذج وهكذا عصور.
 
وفي اليمن حفلت كل مرحلة وحقبة زمنية برجال وقادة سياسيين ومحاربين صنعوا واقعا مختلفا من بدايات صغيرة، إذ أن الهمم العالية والرؤية الواضحة هي من تنسج التغيير وترسم ملامح الكفاح والنضال في السلم والحرب، بالسياسة أو البندقية، ورجال المقاومة الوطنية والمكتب السياسي هم جزء من واجهة هذا النضال إن لم يكونوا ناصيته. 
 
في حقبتنا الماثلة وفي خضم ليل حالك السواد وأمواج الارتداد عن المشروع الوطني الجمهوري تتقاذف البلاد والعباد عصابة الإمامة الجديدة القديمة، ذراع الشر الإيرانية الحالمة بصياغة عصرها الكهنوتي على أطلال تاريخ شعب عريق، وأمام هكذا حقبة عابسة قُدر لقيادة المقاومة الوطنية أن تعمل مع قيادات سياسية وعسكرية على بلورة مشروع نضال سياسي فكان المكتب السياسي للمقاومة الوطنية.
 
 عام واحد فقط من تشكيله كذراع سياسي يعمل إلى جانب المقاتلين في الميدان برز المكتب السياسي للمقاومة الوطنية كإضافة ملهمة في فضاء النضال السياسي وأكد أن البدايات ترسم مسار نجاح حاضر وقادم.
 
النضال الوطني، فكرا ومسارا، لم يكن يوما حكرا على المحاربين في الجبهات بل إن أهم النجاحات الوطنية تتخلق من شراكة المحارب والسياسي في خدمة المشروع الوطني، حيث يقاتل المحارب دفاعا عن الوطن وتأمين السياسي الذي بدورة يحارب في كل محفل وحوار ونقاش لتأمين ظهر وحقوق المحارب وتبني مشروعه الذي يناضل ويضحي من أجله.
 
إذن هي شراكة نضال وتقاسم للمهام النضالية، وهذا ما أكدته تحركات وتوجهات المكتب السياسي للمقاومة الوطنية كجانب عملي وتطبيق لأفكار خلاقة تنشد تشكيل تحالف وطني عريض لتقوية صوت الشعب في مسار استعادة جمهوريته ودولته وعاصمته الأبدية.
 
بدأ المكتب السياسي عمله محددا مساره وتوجهاته بعيدا عن إثارة مزيد من الصراعات، وتبنيه مبدأ تصفير الخلافات مع شركاء العمل السياسي والوطني وتجاوز تراكمات الفترات السابقة وقطع دابر المناكفات التي تسببت في تشرذم الخطاب الوطني للقوى السياسية مقابل وحدة الموقف للمليشيات الحوثية الانقلابية.
 
وخلال عام من نشاطه الفاعل أنجز المكتب السياسي قدرا كبيرا من النجاح برسمه معالم واضحة لبرنامجه الوطني ونسج علاقات مع مكونات سياسية واجتماعية ذات حضور كبير في المشهد اليمني، إضافة إلى مواصلة فتح فروع للمكتب في عدد من المحافظات المهمة لتوسيع قاعدة الحضور والتفاعل مع المجتمعات المحلية.
 
اليوم، لم يكن المكتب السياسي يحتفل بعيد ميلاده الأول أو بتاريخ إشهاره قبل عام، بل ينجز المهام الأولى ويعلن مواصلة النضال وفتح أفق جديد لتحالفات وطنية وصياغة مشروع سياسي جامع لمواجهة مشروع الإمامة وأحلام عصابة الكهنوت بابتلاع جمهورية الشعب وتشييد نظام ولاية الفقيه.
 
هي دعوة وطنية صادقة ومسؤولة وجهها المكتب السياسي اليوم لكل القوى وكل المكونات للتخندق في تماس مع مليشيا الشر الإمامية ومواجهتها عسكريا وسياسيا وإعلاميا وبكل الوسائل المتاحة حتى إنهاء وجودها الجاثم على صدر صنعاء وعدد من محافظات اليمن.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية