في مطلع العام 2018 وصل رشاد عمر، من سكان قرية "البراده" بمديرية مقبنة غربي محافظة تعز، إلى منطقة الغلة بمديرية موزع في ذات المحافظة، مع العشرات من النازحين الذين فروا هرباً من قذائف مليشيا الحوثي وسعير الاستهداف الممنهج الذي طال منازلهم بنيران المليشيا المدعومة إيرانياً. 
 
اتخذ عمر مع آخرين، من الأحراش وظلال الأشجار مسكناً مؤقتاً، على أمل أن تتدخل المنظمات الإنسانية لاحقاً للتخفيف من عبء الحالة الإنسانية الصعبة في موطن النزوح؛ لكن مع مرور الأيام لم يحدث ذلك وازداد الحال سوءًا، ما اضطره مع العديد من النازحين للشروع في بناء مساكن عشوائية من الأحجار وسعف النخيل؛ ولو أن المساكن تلك حجبت عنهم ضوء الشمس المباشر في النهار إلا أنها لم تقِهم شيئًا من حر الصيف وبرد الشتاء.
 
يقول رشاد عمر، متحدثاً لوكالة 2 ديسمبر، إنّ البحث عن الرزق لأسرهم كان من الهموم التي تشغل بال غالبية النازحين، في ظل انعدام الدعم ونزولهم في صحراء تنعدم فيها كل مقومات الحياة ناهيك عن عدم مقدرة البعض على جلب ثروتهم الحيوانية معهم ونفوق وفقدان الكثير منها خلال الحرب. 
 
مرت أسابيع في نزوحه قبل أن يهتدي رشاد لمهنة الفحم كمصدر عيش له للبقاء في ظل انقطاع الفرص والتنقل وغياب الإمكانات، لذلك فهي مهنة -وفق رشاد- لا تدر عليه دخلاً مناسباً، إلا أنها تسهم ما أمكن في التخفيف من حالة الفقر والجوع في مخيم النزوح.
 
يوضح رشاد عمر أنه يغادر أياماً باتجاه الصحراء لقطع الأشجار قبل ترك حطبها يجف في الشمس ونقله بعدها لمكان حرقه القريب من مسكن نزوحه؛ لكنها رحلة مشوبة بالخوف والذعر جراء الألغام التي زرعتها مليشيا الحوثي الإرهابية في تلك القرى المحيطة بالمنطقة التي يقطن فيها. 
 
يعود عمر ولا يهدأ له بال حتى يبدأ بتقطيع الشجر ورصه في مكان الحرق ووضع الأعواد في حفرة يتم تجهيزها لوضع بعض من الشجر والتراب عليه وإغلاقه من جميع الجهات ثم إشعال النار فيه وترك مكان لدخول الهواء الذي يسهم في استمرار اشتعال النيران حتى يتحول الحطب إلى فحم. 
 
العملية هذه لا تنتهي بنفس اليوم فهي تستغرق من يومين إلى ثلاثة أيام حتى يجهز الفحم وتبدأ عملية التعبئة في شوالات تُشحن للبيع في السوق، وهي عملية تتكرر مرتين في الأسبوع من أجل إنتاج بين 5-10 أكياس. 
 
يُبدي عمر معاناته مع هذه المهنة التي جرته إليها ظروف النزوح، فالإرهاق والتعب يرافقانه مع كل خطوة يخطوها في سبيل الرزق الصعب، إذ يشير إلى أن ثمن الكيس لا يتعدى ألفي ريال ولا يغطي نفقات أسرته، فهو أحياناً يستدين من زبائنه مُقدمًا كعربون ليغطي توفير متطلبات العمل. 
 
يصف جاره في المخيم، أمين زيد، أن العيش في مخيم النزوح البدائي صعب جداً وغير ملائم، فهو بعيد عن الأماكن الحيوية، بالإضافة لانعدام المياه والصحة والتعليم فيه. 
 
ويتابع أمين حديثه: "نتخذ من سعف النخيل والفحم أساسًا لتغطية المتطلبات في ظل عدم وجود تغذية وإيواء في مخيم النزوح، حيث وإنه عمل مرهق لا يتلاءم مع حجم الجهد، خاصة وأن ثمن الكيس لا يتجاوز ألفي ريال، في وقت وصل الكيس الدقيق إلى أكثر من أربعين ألف ريال، وهو لا يغطي؛ لكن يخفف وضعنا الصعب في هذا المخيم. 
 
هنا يشير سكان مخيمات النزوح إلى ما تقدمه الخلية الإنسانية في المقاومة الوطنية من مساعدات غذائية كان آخرها قبل أيام، مؤكدين أنها تخفف عنهم العبء إلى حد ما.. كما تذكروا، بكل خير، جهود الهلال الأحمر الإماراتي الذي كان سباقاً في تقديم المساعدات الغذائية والإيوائية.
 
ووفق الهيئة التنفيذية لمخيمات النازحين في موزع، يبلغ عدد المخيمات في المديرية 10، تتوزع بين عزل العوشقي والأهمول ومركز المديرية، ويتواجد في هذه المخيمات أكثر من 750 أسرة بإجمالي 2200 نسمة يتركز معظمها في عزلة العوشقي حيث يتواجد بها 7 مخيمات، فيما مخيمان في عزلة الأهمول ومخيم واحد في مركز المديرية، يعيش النازحون فيها أوضاعاً صعبة ويعتمدون على الفحم وصناعة الجبن ونسج سعف النخيل للعيش.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية