المشكلة- دائماً- في العنصرية، لا في العناصر، الفرق واضح:
 
(العناصر): كالطوائف والسلالات والفئات والقبائل والمناطق والشعوب: ثراء وتنوع وشراكة وعطاء.. وتعايش وتعاون وبناء.. ووجود.
 
بينما (العنصرية): كالطائفية والسلالية والفئوية والقبلية والمناطقية والشعوبية: أحادية وشمولية واستبداد وعدمية واستلاب.. وتنافر وتناحر وهدم.. وضياع.
 
تبدأ المشكلة باختراق العنصرية للعنصر، وتلبّسها به؛ كاختراق النازية للألمان، والصهيونية لليهود.. وبشكل أقرب؛ كاختراق "الحوثية" للشريحة الزيدية، وتلبّسها بالهاشميين.
 
الزيدية مذهب إسلامي أصيل ومقبول، ولطالما تعايش مع المذاهب الأخرى في اليمن، بل يمثل أحد ملامح الشخصية القومية المميزة لليمن.
 
كذلك العنصر الهاشمي، وإن كان للعلاقة بين الطرفين: "العنصرية الهاشمية والعنصر الهاشمي"، عمق تاريخي طويل حاضر بشكل مريع في التراث والوعي الزيدي. وتجارب الأنظمة الإمامية الهاشمية البائدة. 
 
لكن العلاقة ليست حتمية، ولا حتى طبيعية: فرغم تعلق هذا العنصر بمشاكل سياسية محبطة في الماضي والحاضر، لا يمكننا إنكار أن بعض ثوار 26 سبتمبر الخالدة، كان فيها بعض أبناء هذه الفئة، كذلك المقاومة الراهنة ضد الكهنوت الحوثي.
 
لكلٍّ منا أصدقاء أسوياء من 
هاتين الفئتين، وينبغي تقدير أن كثيرًا من الهاشميين والزيود رفضوا قبل غيرهم هذا التلبس والاختراق الحوثي، ما جعلهم يتعرضون لِلسعات من مختلف الجوانب، وإن كانوا يتفهمون أن مشكلتهم هي أولاً مع العنصرية الحوثية، قبل ردود أفعال العناصر الأخرى.
 
ومع ذلك ينبغي إدانة ردود الأفعال العنصرية القائمة على الخلط- بجهل أو بخبث- بين الهاشمية والهاشميين، هذا الخلط يضر بالقضية اليمنية، وينحرف بها عن مسارها الصحيح إلى هاوية العنصرية وردود الأفعال.
 
الخلط تعميم يخدم الجماعة الحوثية؛ فهو بدلاً من عزل هذا المشروع الدخيل عن الداخل، بما فيه الهاشميون، يعمل على عزل الهاشميين الأبرياء- المعزولين أصلاً عن الحوثي- عن غيرهم من اليمنيين، ويدفع بهم للاحتماء بالحوثي، ويضمن له التمثيل الحصري لهذه الشريحة الاجتماعية المنتشرة في مختلف أرجاء اليمن.
 
الحوثي لا يمثل إلا نفسه، ومن يقفون وراءه، كظاهرة مرَضية دخيلة على اليمن؛ بل يجب تفكيك هذه المتلازمة المرضية، وإضعافها، لا تكريسها وتقويتها من خلال المرادفة بين الطرفين: الزيود والهاشميين، عناصر يمنية أصيلة؛ فيما الأيديولوجيا والمشروع والتوجه الحوثي.. ظواهر عنصرية بامتياز.
العنصرية نعرة، والعنصر كيان، والمشكلة اليمنية هي في نعرة "الهاشمية السياسية" التي نخرت العنصر الهاشمي، وجعلت منه كياناً مادياً حركياً لخرافاتها في الولاية والتفوق السلالي. وبدلاً من كونه جزءاً من الحل جعلته جزءاً من المشكلة.
 
ستنتصر اليمن، لا شك، على مختلف الظواهر والمظاهر والقوى العنصرية، وهذا مؤكد بشكل مطلق، والمؤكد بنفس الدرجة أن كل العناصر اليمنية ستظل باقية جنباً إلى جنب، كشركاء في الكيان والبناء والطموح اليمني الكبير.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية