على خطى والده، يتشبث ناصر علي علوان (46 عاماً) من سكان منطقة الشقيرا، المركز الإداري لمديرية الوازعية، غربي تعز، بالعمل في مهنة إنتاج السمسم البلدي في أقدم معصرة تستخدم لهذا العرض، تجاوز عمرها مائة عام، ولا تزال محافظة على مكانتها الأصيلة حتى اللحظة. 
 
ليست معصرة ناصر الوحيدة في المديرية، بل إن هناك العشرات من المعاصر المنتشرة في الوازعية ؛ لكن ناصر الذي يحترف هذه المهنة لديه خمس من تلك المعاصر تعمل في إنتاج السمسم البلدي الذي تتميز به مديرية الوازعية، وتعد زراعته من الموروثات التي درج عليها سكان المديرية بشكل متوارث. 
 
يقول ناصر علي علوان لوكالة "2 ديسمبر"، إن المعصرة التي تجاوز عمرها المائة عام، بدأ يشتغل عليها جده الذي غادر الحياة بعد عمر حافل في هذه المهنة ليرثها من ورائه والده الذي جار عليه الزمن وأضحى غير قادر على العمل حالياً؛ لكن تعلق ناصر بهذه المهنة جعله يتمسك بها ويمضي على خطى الأب والجد، حيث كان يساعد والده منذ أن كان طفلاً ليتعلم المهنة منه ويسير على هذا النهج بتفانٍ. 
 
تعد المعصرة التاريخية التي يعمل بها ناصر من أكثر المعاصر حركة ويفد إليها الكثير من العملاء من موزع والوازعية والشمايتين، والمضاربة بلحج، لشراء مادة السليط (زيت السمسم) لاستخدامه في الأكلات المنزلية أو في صناعة الحلويات البلدية التي تشتهر بها مديرية الوازعية. 
 
لا يجد ناصر أي صعوبة في العمل غير ارتفاع أسعار السمسم، حيث وصل سعر الكيس السمسم إلى 140 ألف ريال يمني، إذ يقول لوكالة "2 ديسمبر"، إن ارتفاع أسعار السمسم كان العامل الأبرز وراء ارتفاع سعر زيت السمسم، حيث تجاوز سعر الجالون 5 لترات، ثلاثين ألف ريال جراء هذا الارتفاع.
 
وأضاف ناصر، يتم التعامل مع المعصرة من مناطق يمنية واسعة، حيث يتم الإرسال إلى تعز والحديدة وصنعاء وأحياناً الطلب من الخارج من قبل يمنيين هناك ويتم الإرسال إليهم ناهيك عن استهلاك المواطن الوازعي الذي يعتبر زيت السمسم مكوناً أساسياً يضاف إلى بعض الوجبات والوصفات.
 
ووفق إدارة مركز الإحصاء الزراعي التابع لوزارة الزراعة في عدن، تبلغ مساحة زراعة السمسم في اليمن 23، 632 هكتارا فيما بلغ الانتاج 18, 648 طناً بما نسبته 31% من إجمالي الإنتاج للمحاصيل النقدية، كما بلغت مساحة إنتاج السمسم في تعز التي تقع الوازعية ضمن نطاقها الإداري 479 هكتارا، فيما بلغ الإنتاج 319 طنا. 
 
يقول علي جيلح مدير معمل حلويات جيلح البلدية الشهيرة في الوازعية، إنه يعتمد في صناعة الحلويات على زيوت السمسم، حيث يتم استهلاك من 5-10 لترات يومياً، ضمن مكونات الحلويات الشعبية التي يزيد عليها الطلب نظراً للزيت الصحي الذي يضاف إليها عند تحضيرها.
 
وتابع علي جيلح حديثه لـ"2 ديسمبر"، أن هناك ما يزيد عن خمسين معصرة للسمسم البلدي في المديرية وفرت عليه تكاليف نقل وشراء هذه الزيوت من مناطق أخرى، واستطاع أن يجدها في متناول اليد من المعاصر الموجودة في المديرية، وتعد معصرة ناصر علوان أشهرها من خلال تميزها وجودة إنتاجها وتاريخها العريق.
 
ووفق جيلح، تستخدم زيوت السمسم في أغراض شتى ليست لصناعة الحلويات فحسب، فهناك من يستخدم الزيت على الذرة بعد خلطه لتناوله، وهناك من يستخدمه لترطيب البشرة ودهن الشعر، فضلاً عمن يعتبرونه مفيداً لعلاج بعض الأمراض، وفق الموروث الشعبي.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية