تحت وقع الظروف المعيشية الصعبة التي أوجدتها مليشيا الحوثي، أُجبر العديد من طلاب جامعة صنعاء على البحث عن فرص عمل، تعينهم على تغطية نفقاتهم الدراسية للاستمرار في مواصلة تعليمهم الجامعي، بعيداً عن دعم أسرهم التي أنهكتها الإجراءات الحوثية.
 
يقول محمد ربيع، وهو طالب في كلية الهندسة، إنه أُجبر على العمل بعدما أبلغته أسرته بعدم قدرتها على تحمل نفقاته اليومية، إذ إن والده الذي كان يتقاضى راتباً حكومياً سطت عليه مليشيا الحوثي، ولم يتسلمه منذ سنوات.
 
يضيف: "استطعت التوفيق بين أوقات الدراسة والعمل في أحد المطاعم، كان ذلك بدافع تحقيق هدفي بدراسة الهندسة الميكانيكية، والدافع وراء ذلك هو انقطاع راتب والدي، حتى وجدت نفسي أمام خيار البحث عن عمل".
 
وقع ربيع عقداً مع مطعم سياحي للعمل أربع ساعات بعد عودته من الجامعة، إذ يبدأ بالعمل الساعة الثانية بعد الظهر، وينتهي السادسة مساء
 
ويرى أن العمل مجهد جداً، كونه يستمر طول أربع ساعات في مطعم مزدحم طوال اليوم، بالإضافة إلى كونه عاد من المحاضرات في الكلية، وكان ذلك يمثل تحديًا بالنسبة له، لكن احتياجه إلى مقابل مادي لتغطية نفقاته اليومية يدفعه للتحمل.
 
قصص كثيرة لطلاب أجهدوا أنفسهم بالقيام بأعمال لقاء أجر زهيد يكفي لتغطية نفقاتهم الدراسية، فمنهم من يعمل في بسطات بيع الخضروات وآخرون في ورش الحديد والنجارة والمحال التجارية، فيما يعمل البعض الآخر في مجال بيع علب المياه المعدنية.
 
ويعاني الطلاب، منذ سيطرة مليشيا الحوثي على العاصمة صنعاء، من ارتفاع أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية فضلاً عن الإيجارات السكنية.
 
وارتفعت الإيجارات بشكل كبير، إذ يتراوح إيجار غرفة ما بين 30 إلى 40 ألف ريال شهرياً، ما يشكل عبئاً كبيراً للطلاب، خصوصاً القادمين من محافظات أخرى ويعملون من أجل توفير مصاريفهم الدراسية بأنفسهم.
 
التحدي والامتياز
 
أثرت ساعات العمل الإضافية على مستوى تحصيلهم الجامعي، وهناك من تراجعت علاماته الجيدة، بعد أن كان يحصد تقديرات تثير الإعجاب.
 
يقول ريبع: "حصدت تقدير امتياز في المستويين الأول والثاني، لكني تعثرت بعد ذلك في سنة ثالثة وحصلت على معدل (79 بالمئة)، كان ذلك بسبب انشغالي في العمل ما يقضي على ساعات كثيرة كنت أستغلها في استذكار الدروس وهي العامل الرئيس الذي كان يمنحني درجات التفوق.
 
صدمة رسوم التحويلات
 
لم تقتصر التحديات التي واجهت الطالب "ربيع" على انقطاع مرتب والده، إنما هناك تحديات أخرى يعاني منها طلاب آخرون منها رسوم التحويلات المالية الباهظة والتي فرضتها مليشيات الحوثي.
 
يحكي عبد الله أحمد عن شعوره بالصدمة عندما ذهب لاستلام حوالة مالية ترسل إليه كمصروف شهري من عائلته، إذ إنه استلم في ذلك الشهر نصف المبلغ فقط بعد أن ذهب نصفه الآخر أجور الحوالة المالية.
 
يضيف عبد الله: لم يكن بوسعي إلا أن أجد حلاً مناسباً، فكرت طويلاً كيف لي أن أكمل دراستي الجامعية، وأني لن أتقاضى المبلغ الذي كنت أعتمد عليه، شعرت بخيبة أمل، فقررت أن أذهب بحثاً عن عمل يمكنني من استكمال دراستي.
 
يكمل: مثل لي هذا الأمر تحدياً من أجل استكمال الدراسة، مما دفعني للذهاب للتعاقد مع مطعم لتقديم الوجبات وفق اللائحة التي وضعها المطعم خصيصاً للطلاب الذين يعملون ويدرسون.
 
العمل مقابل العلم
 
يشير عبد الله إلى أنه يعرف نحو 40 طالباً، من مختلف التخصصات في جامعة صنعاء يعملون في مطاعم مختلفة، بعد أن وجدوا أنفسهم مجبرين على العمل والدراسة معاً، خصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية التي تسببت بها مليشيات الحوثي.
 
وتعمل شريحة كبيرة من طلاب جامعة صنعاء في عدد من الأعمال والوظائف المختلفة والخارجة عن تخصصاتهم الجامعية، من أجل كسب المال اليسير الذي يساعدهم في توفير مصاريفهم لاستكمال تعليمهم وطموحاتهم العلمية.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية