"مدونة السلوك الوظيفي"، آخر "تحشيشة" لعقول ضحلة إلا من نرجسية الخرافة المقدسة، العاشقة تأليه اللات الحوثي واستعباد الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا، لترفع بذلك في وجه اليمنيين حلقة جديدة من المسلسل الفرعوني القديم "ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد".
 
وفق ما ورد في نص ما تسمى مدونة السلوك الوظيفي الذي أعلنته مليشيا الحوثي، فإن من بين مرتكزاتها الأساسية: الرسالة المنسوبة للصحابي علي بن أبي طالب إلى تابعه مالك الأشتر، حسب المراجع الشعوبية الطائفية، بجانب ملازم مؤسس المليشيا الهالك حسين الحوثي، ومحاضرات زعيهما المدعو عبدالملك الحوثي، وكذا الهوية الإيمانية.. وجميعها تفسيرات طائفية للقرآن منحرفة عن "الصراط المستقيم" إلى الفسق "عن أمر ربها ورسله".
 
وفي خانة "المبادئ الأساسية في أداء المسؤوليات"، نصت المدونة الحوثية على "التولي لله عز وجل ولرسوله وللذين آمنوا"، مستندة على الآية القرآنية "إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا..."، ومعلوم أن التأويل الطائفي لـ"الذين آمنوا"، على حد مراجع قديمة وحديثة، يتمحور حول الصحابي علي بن أبي طالب، وأنه المقصود بالآية، وهذا التفسير أحد المداخل الرئيسية لبناء نظرية الولاية، ومتعلقها السلالي، التي تُعد العمود الفقري للأيديولوجية الشعوبية الصفوية الشيعية، المتبناة من نظام ولاية الفقيه الخميني وأذنابه المليشياوية.
 
ومن العوامل المعينة على أداء المسؤولية، حسب المدونة الطائفية، الاقتداء بعلي بن أبي طالب، في مخالفة واضحة لصريح القرآن الذي حصر التأسّي بالرسول، واتباع صحابته جملة دون تخصيص لأحد دون آخر.
 
وأكدت على الالتزام بـ"التربية الإيمانية" طبقًا للتفسير الحوثي للهوية الإيمانية، القائمة على تحويل المجتمع اليمني عن هويته الوطنية المثبوتة في الدستور إلى هوية طائفية عابرة للحدود يخضع الناس بموجبها لتقديس السلالة المزعوم انحدارها من النبي محمد، والمرتكزة راهنًا في الداخل بأسرة الحوثي، وفي الخارج بالمرشد الأعلى لما تسمى الثورة الإيرانية.
 
ونصت المدونة على أن من المسؤوليات الشخصية للموظف "السعي المستمر للارتقاء الإيماني من خلال التفاعل الجاد مع الدورات الثقافية والبرامج التربوية"، إلى جوار "تبني المواقف الواضحة من أعداء البلد والأمة والاشتراك بفاعلية في أنشطة التعبئة العامة"، في مسعى صارخ لمصادرة الحقوق الدستورية في التعدد، وعسكرة المجتمع على أساس طائفي إجباري معادٍ للمحيط العربي. 
 
وخصصت مدونة العبودية فصلًا كاملًا لـ"التعامل مع البيانات وتكنولوجيا المعلومات والإعلام"، مفردة عدة بنود بشأن وسائل التواصل الاجتماعي. وكلها تضع قيودًا شديدة على مبادئ شفافية المعلومات العامة والتعبير عن الآراء المختلفة، المكفولة وفق المنظومة الدستورية والقانونية اليمنية، والقوانين والأعراف الدولية.
 
وفي الخروج عن السياق الطوعي لطبيعة المدونات، أضفت المليشيا على مدونتها إلزامية قانونية، دون المرور بالقنوات الدستورية حتى عبر مؤسسات الدولة المختطفة من قبلها، فرتبت عليها التقييم الوظيفي و"استكمال إجراءات التوظيف أو التعيين لشغل الوظيفة العامة"، وعدّت مدونة السلوك "ميثاق عمل ملزم"، موجبة على كل موظف التوقيع على تعهد بالالتزام بها، يتم الاحتفاظ به في ملفه الوظيفي، بحيث يتعرض المخالف لبنودها لإجراءات وعقوبات تأديبية وجزائية، قد تصل حد الفصل إداريًا، والخضوع لقانون العقوبات بما فيه من عقوبات تصل حد الإعدام؛ إذ نصت المدونة الحوثية على اتخاذ تلك الإجراءات والجزاءات "وفقًا للقوانين والأنظمة ذات العلاقة"، دون حصرها في قانون الخدمة المدنية والقوانين واللوائح المرتبطة به، لا سيما والمدونة تتضمن بنودًا تتجاوز العمل الإداري وذات طابع سياسي وعسكري، من قبيل التعامل مع "أعداء الأمة" أو التواصل مع وسائل الإعلام، أو القصور في "التعبئة العامة".

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية