في بداية عهد الإمام "يحيى حميد الدين" وصلت إليه برقية من عامله في تعز، الأمير "علي الوزير"، جاء فيها:
 
"نبشركم يا مولانا أننا فتحنا قلعة المقاطرة وجبل حبشي وجبل صَبِر، وجميع النواحي التعزية، وقد عمّمنا "حي على خير العمل" على كل المساجد".
 
رد عليه الإمام يحيى قائلاً: "اهتموا بجلب الزكاة. أما "حي على خير العمل"،  فالحكم في الصلاة النية ولو بدون أذان. ‏الأهم هو جمع الزكاة، ومن جانبنا مستعدون نعفيهم حتى من "حي على الفلاح".
 
كان العامل يفكر بعقلية الفاتح المجاهد الديني البليد المتطرف، الذي لا يكتفي فقط بإخضاع الآخرين، سياسياً وعسكرياً، بل يريد أيضاً إخضاعهم دينياً وطائفياً، وفرض العبارات والطقوس الطائفية الخاصة مثل عبارة "حي على خير العمل" على الطوائف الأخرى!
 
في المقابل، "قد" يُحسب للإمام يحيى أنه كان يفكر بعقلية حاكم  لا تهمه المسألة الطائفية، بقدر ما يهمه أن يسيطر على أكبر مساحة من اليمن، وأن يدفع الشعب واجباته من المال والحبوب إلى "مدافن" الدولة، وخزائن بيت المال.!
 
قد يكون هذا صحيحاً، ولو جزئياً، وفي كل حال لا مانع من إنصاف الإمام يحيى وخلفه ابنه "الإمام أحمد". فرغم تخلف وبدائية التجربة الإمامية البائدة، مقارنةً بالنظام الجمهوري، لا يمكن إلا إنصافها مقارنةً بتجربة "الإمامة العائدة".
 
لكن الواقع، أن الإمام يحيى، كان مشهوراً بالبخل والتقتير.. حتى على نفسه وعلى أولاده وأهل بيته.. كان يعبد المال. ويفكر بعقلية عامل الجبايات الجشع اللئيم.. الذي يهمه أن يجمع أكبر قدر من المال والحبوب، ولا ينفق منها شيئاً حتى لو تعرض الشعب لمجاعة، وبالفعل حدثت المجاعة مراراً في عهده بينما كانت خزائنه متخمة بالنقود، ومدافنه متخمة بالحبوب.!
 
ذات مرة رفع إليه الجيش الحافي مذكرة بطلب رفع الجامكية التي لم تكن تكفي العسكري لأي شيء، فوقع الإمام يحيى على المذكرة بالآية: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا}.!
بمعنى أن الأجور التي كانت الدولة تدفعها للعسكر وغيرهم من الموظفين كانت منةً وتفضلاً مجانياً من الإمام، وأن دفاعهم عنه وعن دولته كان واجباً منهم ولا يستحق المقابل.!
 
هكذا ينظر الحوثيون اليوم للذين يقاتلون دفاعاً عن دولتهم الجهنمية، باعتبارهم حثالة تؤدي واجبها الديني تجاه أسيادها، وانسياقاً وراء المقارنة، فإن "الإمامة العائدة" ممثلةً بالجماعة الحوثية، تفكر بعقليتين: 
-  بعقلية المجاهد البليد المتطرف، الذي لم يكتفِ بإخضاع اليمن، سياسياً وعسكرياً، بل يريد أيضاً تحويث الشعب اليمني كاملاً بما فيه الطائفتان الزيدية والسنية، وهذه هي الحماقة التي تحدث منذ سنوات.
 
- وبعقلية الإمام البخيل اللئيم الذي يريد أن يلهف كل شيء من أموال وأملاك وأرزاق اليمنيين، ويمتص عرقهم ودماءهم.. دون أن يدفع أي التزامات مقابلة، حتى للموظفين الذين يعملون منذ سنوات بلا رواتب.!

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية