تتوسع دائرة المعاناة يوما بعد آخر لتغدو كما لو أنها قدر لا يمكن الفكاك منه، وبات المدنيون وحدهم يدفعون ثمن ذلك.. إنه زمن المليشيات السيئ الذي حول كل معنى جميل في الحياة إلى خراب لا يمكن تلافي حدوثه.

 

بل إنه يدفع الناس بقوة نحو هوة سحيقة من المآسي غير الممكن تجنبها، حتى أنهم باتوا بين خيارين إما الموت في الجبهات التي أشعلت جذوتها مليشيات العبث الحوثي أو الموت جوعا بعد أن منعت عنهم الغذاء والدواء، لكن الموت شنقا كوسيلة للهرب من جحيم المآسي المتعددة، فهي طامة ثالثة بات المئات يدفعون أثمانها في أماكن كثيرة وطئتها أقدام المليشيات الموحلة بالعصبية المقيتة.

 

فعلى تلة جبلية شديدة الانحدار غرب محافظة ذمار عثر على جثة رجل خمسيني مشنوقا داخل منزله الريفي.

 

لقد قضى نحبه، هربا من هول المآسي التي تكالبت عليه في زمن مليشيات الحوثي التي لا تعرف للرحمة معنى في قاموسها الموغل بالإجرام.

 

كان محمد علي عبد الله وهو في عقده الخامس يعمل مزارعا منذ سنوات عدة في وصاب السافل بلدته الريفية الموجودة غرب المدينة، وقد كان لسنوات يتمتع بقدرات عقلية رائعة وسعادة لا تفارق محياه.

 

كل ما كان يعمله هو رعاية مزرعته التي كان يبيع محصولها ليعيل 14 شخصا في عائلته الكبيرة.

 

كان العمل ممتعا بالنسبة له ولا يعكر صفو مزاولته لذلك النشاط شيئا، حيث يوفر لأسرته احتياجاتها الطبية والغذائية باستمرار بل إنه يجد متعة في القيام بذلك.

 

وما أن خرج مارد الشر من قمقمه الشيطاني تشضت قذارته لتطال كل شيء بما فيهم عبد الله، لقد ارتفعت معها أسعار المحروقات والبذور وانعدمت فيها فرص البيع بطريقة مجزية تمكنه من استمرار حياته التي اعتاد عليها.

 

استمرت المعاناة في التفاقم بشكل يومي حتى بدأ الجوع ينال منه وأطفاله، بل إن مشاهد تضورهم كانت تحزنه، فيكظم ذلك الغيض على أمل أن تجد مأساته طريقها في الانفراج.

 

لكن كيف لها أن تنفرج ومليشيات الحوثي تهيمن على الحياه في أغلب مدن الشمال، والأمل في زوالها يبدو وكانه سيأخذ وقتا لا يقدر على تحمله؟!!

 

فكان له أن ربط حبلا متدليا من سطح منزله برقبته ليقضي نحبه شنقا، مفضلا ذلك على أن يرى أطفاله جوعى دون أن يقدر على توفير الخبز لهم.

 

إنها  طريقة تعبر عن كل هذا البؤس في مأساة وكأنها طريق الخلاص من كل هذا التوحش الذي لم يبقِ للآدمية أي كرامة.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية