تتحول المدن الواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثي إلى مقابر تبتلع أرواح الناس بعد أن تضاعفت فيها الكلفة الاقتصادية لتغدو الحياة المعيشية في أصعب لحظاتها.

 

فمنذ عامين على سرقة مليشيات الحوثي مرتبات الموظفين باتت الحالة المعيشية صعبة للغاية وتنذر بحدوث كارثة اجتماعية لا أحد يتوقع مدى فداحتها.

 

فمؤشرات ذلك بدأت تظهر منذ نحو سبعة أشهر من خلال أخبار متفرقة عن وفاة موظفين منهم دكاترة جامعات تحت وقع الفقر المدقع.

 

واليوم تعود تلك الأنباء إلى الواجهة بوفاة دكتور جامعي أمضى حياته في التنقيب عن الآثار اليمنية بعد سنتين من الصراع المرير مع فرص البقاء على قيد الحياة.

 

إنه الدكتور عبد الغني علي سعيد الشرعبي أستاذ الآثار القديم بكلية الآداب جامعة صنعاء الذي وافته المنية يوم السبت متأثرا بمضاعفات خطيرة في ارتفاع ضغط الدم والسكر إثر توقفه عن شراء أدويتها نتيجة عدم امتلاكه المبلغ المالي لذلك.

 

قبل عدة أيام عندما تصادف لقاؤه بزميله الدكتور عادل الشرجبي شكا له وضعه المالي الصعب فيما كانت آثار ارتفاع السكر وضغط الدم بادية على وجهه.

 

قال لصديقه بصوت يملأه الحسرة أنه توقف عن استخدام أدوية السكر والضغط لعدم قدرته على شرائهما " لقد كان خياره الوحيد في أن يضع حدا لتعاسة هذه الحياة".

 

وبالرغم من أنه يعلم أن التوقف عن استخدام تلك الأدوية يعني الوفاة، لكن ما عساه يعمل وقد أغلقت أمامه كافة الأبواب وأوصدت أمام أحد نخب المجتمع اليمني ممن كانوا يوماً يعول عليهم في قيادة أجيال المستقبل نحو ضفاف التطور العلمي والمعرفي كل الآمال.

 

وحتى إن كان اللقاء مصادفة لزميلين يعملان في أرقى المؤسسات التعليمية في هذا البلد فهو يكشف عن واقع مرير يعيشه الموظف الحكومي في المناطق الواقعة تحت سلطة مليشيات الحوثي.

 

إنه لقاء الشكوى الأخير ة من الحال، لكن الشرجبي لم يكن لديه مجال لمساعدة زميل يراه في لحظة الاقتراب من حافة الموت، فالأوضاع المادية تتشابه ومصاعب الحياة لكليهما واحدة.

 

فالموظفون الذين يرزحون تحت سلطة المليشيات يعانون من ظروف أبعد من أن نتوقعها ويعيشون في واقع مزرٍ للغاية.

 

 

تجربة قاسية

يبدو أن المصابين بأمراض مزمنة يخوضون اليوم تجربة قاسية وهي التوقف الاختياري عن استخدام الأدوية نظرا للوضع المالي الصعب.

 

إنه بالمعنى العلمي انتحار اختياري فليس هناك مجال سوى التوقف عن شرائها بعد أن بات توفير قيمتها المالية أمرا مستحيلا في وقت أصبح فيه توفير لقمة العيش أمرا ذا أولوية ملحة.

 

كيف لا وكل الموظفين الذين سرقت مليشيات الحوثي رواتبهم مهتمون اليوم بكيفية تدبير لقمة العيش لإشباع بطون أطفالهم الجائعة من أجل الحفاظ على بقائهم على قيد الحياة أطول قدر ممكن.

 

ومع انتهاء الأشهر الماضية من بداية العام الحالي أصبحت صنعاء محور اهتمام العديد من المواطنين لمعرفة ظروف ساكنيها بعد أنباء متعددة عن وفاة معلمين وأساتذة جامعات تحت واقع اقتصادي مزر وارتفاع جنوني في أسعار السلع والمواد الغذائية.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية