في نوفمبر 2022، عاد 38 صياداً يمنياً إلى أحضان أسرهم الدافئة، بعد أن عانوا من الأسر والتعذيب في سجون إريتريا لسنوات طويلة، كانت هذه العودة بمثابة المعجزة بالنسبة لهم، بفضل الجهود الكبيرة التي بذلها نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، الذي تابع قضيتهم لدى السلطات الإريترية حتى إطلاق سراحهم، وتكفل بعملية نقلهم إلى البر اليمني.

من بين هؤلاء الصيادين، كان سعيد ناجي، الذي انتظر تلك اللحظة بفارغ الصبر، ليعود إلى حياته البسيطة ومهنته العريقة، يستمتع بلحظات الحرية التي طالما حلم بها، لقد عاد لتوه من جديد للعمل بحرية بالاصطياد في مياه البحر الأحمر الهادئة، التي تزخر بالأسماك والثروات البحرية.

لكن هذا الأمل خاب سريعاً، عندما بدأت مليشيا الحوثي هجماتها الإرهابية على السفن التجارية بالبحر الأحمر، إذ تحول البحر إلى مكان غير آمن للصيادين، وأدى إلى توقفهم عن الصيد بعد تزايد حدة الهجمات وتضاعف السفن الحربية الدولية تواجدها ضمن تحالف الازدهار.

فهجمات مليشيا الحوثي بالطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية والزوارق المفخخة، ضمن مخطط إيراني لعسكرة البحر الأحمر، أثارت مخاوف الصيادين من استهدافهم أثناء قيامهم بالصيد، وأجبرتهم على التراجع إلى الشاطئ، وترك مصدر رزقهم وحياتهم.

يروي ناجي بعضاً من اللحظات المرعبة التي عاشها أثناء ما كان يصطاد بالبحر الأحمر قبالة سواحل المخا: "سمعنا دوي انفجار عنيف، شاهدنا دخانا أسود يتصاعد من سفينة تجارية، أصبنا بذهول عندما سمعنا أصوات طائرات مسيرة تحوم في الجو، توقفنا عن الصيد فورا وعدنا إلى الشاطئ، كانت لحظات صعبة، كنت أعتقد أننا مستهدفون، وأننا لن ننجو من الموت".

ومع تزايد الهجمات الحوثية على السفن التجارية، وتصاعد التوتر في البحر، بات مصير ثمانية صيادين من أبناء مديرية الخوخة مجهولا، بعد أن فُقدوا في البحر أثناء ذهابهم إلى الصيد في 19 نوفمبر، مع وقوع الهجمات الحوثية، وسط شكوك من أنهم لقوا حتفهم إثر تبادل القصف بين مليشيا الحوثي والقوات البحرية المرابطة في باب المندب.

وفي محاولة لإيجاد حلول لمعاناة الصيادين، ووضع مقترحات لمواجهة تداعيات عسكرة مليشيا الحوثي البحر الأحمر، نظمت جامعة الحديدة في الخوخة، برعاية نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي العميد طارق صالح، ندوة علمية شارك فيها عدد من المختصين، رأى ناجي في الندوة فرصة لإيصال صوته ومشاركة معاناته مع العالم، وربما لإيجاد حلول ومقترحات تنهي مأساته وتحرر البحر من قبضة المليشيا.

لم يكن ناجي وحيداً في هذا الشعور، فقد التقى بالعديد من الصيادين الذين جاءوا من مختلف المناطق لحضور الندوة، الذين أبدوا، في تصريحات لوكالة "2 ديسمبر" قلقهم وغضبهم من هجمات مليشيا الحوثي في البحر الأحمر، التي لم تكتف بمنعهم من الإبحار والاصطياد، بل جعلتهم محل شك وريبة من قبل السفن الحربية التي تراقب البحر، وطالبوا بضرورة التدخل الدولي لوقف هذا الخطر الأمني وحماية حقوقهم.

ومن بين الحاضرين في الندوة، كان فؤاد دوبلة، ممثل جمعيات الصيادين بالساحل الغربي، الذي ألقى كلمة مؤثرة عن تأثير التصعيد الحوثي في البحر على الصيادين والبيئة.

يقول دوبلة لوكالة "2 ديسمبر"، إن المخاوف الأمنية أدت إلى توقف شبه كلي لأعمال الصيد، وإن الصيادين فقدوا الوصول إلى 350 نوعا من أنواع السمك التي تعتبر مصدرا للغذاء والدخل.

يضيف، إن نسبة الاصطياد انخفضت إلى النصف خلال التصعيد الحوثي، بينما كانت تصل إلى 200 ألف طن قبل الانقلاب الحوثي، مختتما كلمته بنداء عاجل لإنقاذ البحر الأحمر من الدمار والاستيلاء، فالصيادون اليمنيون أصبحوا يعانون من الحرمان والفقر، وتوقفوا عن ممارسة مهنتهم الوحيدة، التي كانت تعيلهم وتعيل أسرهم، لقد فقدوا أملهم في العودة إلى البحر، الذي كان صديقهم ومعيلهم، وأصبح الآن بسبب القرصنة الحوثية عدوهم ومهلكهم.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية