إحدى الماجدات اليمنيات اللاتي خرجن في «ثورة الجياع» السبت 6 أكتوبر 2018م تروي تفاصيل جريمة الاعتداء عليهن داخل الحرم الجامعي لجامعة صنعاء من قبل زينبيات ومسلحي الحوثي، وظروف اختطافهن وما جرى لهن من قمع وانتهاكات واعتداء انتهى بهن في معتقلات مليشيا الإرهاب الحوثية.

 

وبدأت رؤى القيفي شهادتها للوقائع بالقول «خرجت من البيت في الساعة الثامنة والربع صباحا، بعد اتفاق مسبق بان التجمع لـ «ثورة الجياع» سيكون في الثامنة والنصف في حرم جامعة صنعاء، وبعدها نتحرك إلى ميدان التحرير في التاسعة، وهدفنا إيصال أصواتنا للعالم باننا نعاني من الجوع، لم تكن الانتفاضة ضد أي حزب أو أي جماعة بل كانت ضد ارتفاع الأسعار والغلا في البلاد».

 

وأضافت «عند وصولي للجامعة كان حرمها ممتلئا بالحوثيين، مدنيين مسلحين بعصي وبنادق، وعساكر باللبس العسكري، أطقم وسيارات تحمل مكرفونات كبيرة تنشد زواملهم وصرختهم، وبمجرد دخولي من باب الجامعة استقبلني أحدهم بجملة «عتقع حرب اليوم» بوجه يملؤه السخرية»... أكملت طريقي بعد أن أعطيته تلك النظرة التي تحمل معنى «أعلى ما في خيلك اركبه».

 

وتخبرنا الماجدة اليمنية رؤى القيفي في قصة شهادتها التي دونتها على صفحتها بمواقع التواصل الاجتماعي عن شعورها بالفخر عند مشاهدة «خوف الحوثيين»، وتخبرنا عن همجية إحدى الزينبيات " اقتربت امرأة أظنها في منتصف الأربعينات، تتكلم بهمجية.. من المفترض أن هذه المرأة زينبيه متنكرة ولكن قلة أدبها أفشلت خطتها، وفور سماعي لطريقة كلامها أدركت مباشرة فصيلتها! بدأت تسأل لماذا خرجنا وتحاول إقناعنا أنا ومن كانت بجانبي بأن نعدل عن قرارنا ونعود للبيت وأن هذه ماهي إلا مؤامرة أكبر من أن نستطيع استيعابها!". مشيرة إلى أن "الهدف من الاستجواب والنقاش أن تعرف حقيقة ما إن كنا متظاهرات أم لا! ".

 

انتهاكات بالجملة

لم يكن منا لحظتها من رفع يافطة أو هتف بشعار كنا مجموعة فتيات في الحرم الجامعي فقط هذا كان توصيفنا" هكذا تصف رؤى لحظات ما قبل الاعتداء عليهن.

 

ثم تسرد تفاصيل الاعتداء الجسدي عليهن من قبل "زينبيات" المليشيا الحوثية " بينما كنت أنا ورحاب ندور في أرجاء الحرم انضمت الينا وئام مكي وأثناء سيرنا، فجأة وبلا مقدمات؛ هجمت علينا مجموعة من الزينبيات عددهن يفوق الـ ٥، محصنات بعصي وصواعق كهربائية، ضُربت أنا حتى سقطت أرضاً، دافعتُ عن نفسي باستخدام ارجُلي وأسقطتُ إحداهن معي، ولكني حين سمعت صوت الصاعق الكهربائي أدركت أن دفاعي ليس مجديا! فتوقفت وذهبت معهن صعدنا لباص من الحجم المتوسط".

 

وتضيف "كان عددنا تقريباً 9، وكان منا فتاة لم تكن مع المظاهرة أساسا بل كانت طالبة في طريقها إلى كليتها وأظنكم سمعتم صوتها في البث المباشر لرحاب الأغبري..".

 

في معتقلات المليشيا

لم تكن هذه التفاصيل المؤلمة نهاية المأساة داخل الحرم الجامعي، بل نهاية الفصل الأول من يوم السبت الأسود في وجه مليشيا الإرهاب، لتروي رؤى القيفي بعدها بداية فصل جديد لمأساة لم تتوقف "كان سائق الباص يلف بنا من بداية الجامعة لآخرها وعندما سألناه عن وجهتنا رد بأنه لم يتلق الأوامر بعد، استغلت إحدانا تيه السائق وفتحت الباب والباص يتحرك قفزت منه ولحقناها الواحدة تلو الأخرى".

 

وتواصل سرد الانتهاكات بحقهن داخل الحرم الجامعي "هربنا لأماكن مختلفة منا من استطاعت الهرب ومنا من ارجعوها للباص بالضرب والتهديد بالبنادق من الرجال والصواعق الكهربائية من النساء.. وفي المرة الثانية شددوا الحراسة علينا وصعدوا معنا على متن الباص ٤ زينبيات بصواعق وعصي، واثنين من العساكر مسلحين، لم يكن مسموح لاي منا بالتحدث".

 

"وصلنا إلى مكان لم نكن نعلم ما هو وأين هو. به العديد من المكاتب حوش كبير ومليء بالحوثيين تم مصادرة هواتفنا النقالة" هكذا وصفت المعتقل الذي نقلت الطالبات إليه، مشيرة إلى أنهن كن يواجهن داخل المعتقل الذي اتضح لاحقاً أنه المنطقة الأمنية الغربية التي تسيطر عليها المليشيا الحوثية " باللعن والإهانة والتهديد بالكهرباء" عندما يبدأن بالتساؤل عن مصيرهن.

 

وعن عدد المعتقلات من الماجدات اليمنيات أوضحت القيفي "كان عددنا ما يقارب ٦٥ فتاة، وكنا موزعات بين المكاتب، ومنا عدد لا بأس به من لم يكن مع المظاهرة وتم اختطافهن من الشارع او من كليات الجامعة".

 

تحكمت المليشيا بالتحقيقات وكتابة المحققين الحوثيين ما يتواءم مع الرواية الحوثية المدلسة للأحداث حيث قالت: "بدأوا مناداتنا بالاسم للذهاب للتحقيق، وعند التحقيق، إذا كانت إجاباتنا تنص على اعتداء من الحوثيين أو إهانات لا يتم تسجيلها في المحضر أو تنمق عند كتابتها، بعد انتهاء التحقيق يُعيدونا إلى أماكننا وإذا ارتفعت أصواتنا مطالبات بالإفراج عنا أو بالتواصل مع أقاربنا يتم تهديدنا بالعصي والصواعق".

 

داخل المعتقل تسرد "رؤى اليمن" مشهداً يجسد موقفاً اختلطت فيه وطنية الفتاة اليمنية وشجاعتها في مقارعة الضيم والقهر في معاقله وتقول "لحظات صمت طالت في المكتب الذي كنا فيه فقررت إحداهن أن تردد النشيد الوطني.. فردنناه كلنا معها، وكانت ردة فعل الزينبيات أن دخلن يُهددنا ويشتمننا ويصرخن بأن نهدأ !!، واتُهمنا باننا عملاء، وسئلنا عن الذي نجنيه من العدوان !!".

 

وفي موقف يظهر مدى شموخ الفتاة اليمنية غير آبهة بوعيد ميلشيا الحوثي تقول "أُمرنا بأن نكتب تعهدات تنص على اننا لن نخرج في حكم الحوثي ثانيةً ولن نؤازر العدوان، وتم تهديدنا بانه في حالة ما تكررت وجوهنا سيتم سجننا سجناً مؤبداً!".

 

وتختم الماجدة اليمنية شهادتها بنبرة تحدٍ قل نظيرها "لا أخفيكم أنني شعرت بإحباط وعجز شديد عندما كنت بالحجز!! لكني خرجتُ مفعمة بالحياة والإرادة ولن أرضى بالظلم شئتم أم أبيتم".

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية