في ليلة مظلمة من ليالي الخامس من مايو 2018، وأثناء عودته من العاصمة صنعاء إلى بلدته الريفية في تعز استُوقف «م، س» من قبل عناصر حوثية على نحو مفاجئ في نقطة الحوبان.

 

فهذا الصيدلي البالغ من العمر ثلاثين عاما يتسم بالهدوء ويتجنب الانخراط في النقاشات السياسية لإدراكه بالمتاعب بالتي قد يقع بها.

 

ولأن الناس اعتادوا السفر ليلا تجنبا لحرارة الجو وهربا من الملل الذي يلازم المسافرين مع ما طرأ من طول المسافة ووعورة بعض التفرعات الجانبية منها، إلا أن ذلك قد يكون وبالا على بعض المسافرين.

 

لذا كان انقطاع الاتصال بــ «م، س» له ما يبرره، فقد يكون ناتجا نفاد بطارية الهاتف أو أنه وجد طريقه إلى أحد الفنادق ليكمل ليلته بعد رحلة سفر مرهقة ونسي إبلاغ شقيقه بذلك.

 

لكن السيناريو الأسوأ كان صادما لجميع أفراد عائلته، لقد اعتقل على نحو غير متوقع وأودع رهن التحقيق في مدينة الصالح أحد أكبر المعتقلات اكتظاظا بالمعتقلين.

 

هناك حيث يوضع المعتقل في غرف ضيقة وبشكل انفرادي ويستجوب في أوقات غير منتظمة بحيث يحرم من فترات استراحة، فقد تعرض «م، س» لاستجواب طويل بدأ منذ دخوله المعتقل في الثانية بعد منتصف الليل وحتى السادسة صباحا، ثم تكرر بعد ذلك لمدة ساعتين إضافيتين.

 

والهدف من ذلك قد لا يكون متعلقا بالتهم الموجه إليه بقدر ما هي طريقة حوثية قذرة هدفها إرهاق المعتقل ودفعه إلى الاستسلام وبالتالي البوح بكل المعلومات التي قد يمتلكها.

 

كما أن المحققين يتناوبون على الضحية خلال جلسات الاستجواب بحيث تقسم ساعات التحقيق فيما بينهم، ويكرر كل واحد منهم الأسئلة التي تلقى عليه بهدف معرفة مدى تطابق الإجابات أو اختلافها، وتصيد الثغرات التي يقع بها وتوظيفها في إدانته بالتهم الموجهة إليه.

 

سأل المحققون «م، س» عن أشياء ليس له علاقة بها وعندما كان يبدي استغرابه كانوا يهددونه بالقتل باعتباره جاسوسا يعمل لحساب جهات خارجية، وهي تهمة يتكرر إلقاؤها على المعتقلين لجعلهم يشعرون بالقلق من أن يتم إجبارهم على الإقرار بذلك تحت التعذيب والمصير الذي ينتظرهم في حال أرغموا على الاعتراف بذلك.

 

ولأن المعلومة التي حصلنا عليها من أحد أقربائه كانت شحيحة إلا أنها تعبر عن مدى فداحة الظلم الذي تمارسه مليشيات الحوثي بحق المعتقلين والجرائم التي ترتكبها بحق الأبرياء.

 

فمنذ مايو الماضي وحتى الآن ما يزال «م، س» حتى اليوم مخفيا في سجون مليشيات الحوثي وطرق البحث عنه من قبل أسرته ووجهت بمصاعب عدة أجبرتهم على التوقف.

 

الخوف من الاعتقال

جرائم الاعتقال وما يصاحبها من عمليات تعذيب وحشية تصيب الشباب بجنون الارتياب عند السفر إلى أي مدينة خاضعة لسيطرة المليشيات خشية اعتقالهم.

 

فالمليشيات الإجرامية لها سجل طويل في اعتراض الأبرياء واعتقالهم على نحو مهين بل إجبارهم على قضاء سنوات داخل زنازينها المزرية دون مسوغ قانون يخول لها ذلك.

 

وبصرف النظر عن الذين يفرج عنهم فإن الآلاف ما يزالوا يقبعون في سجونها ويتعرضون لأبشع أنواع التعذيب والبعض منهم قضوا نحبهم لعدم قدرتهم على تحمل ذلك.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية