تكشف جريمة اختطاف مليشيا الحوثي الإرهابية للفنان خليل فرحان في محافظة ذمار- وهي حلقة في سلسلة حرب ممنهجة تستهدف الهوية الثقافية اليمنية- عن القوة الاستثنائية للفن الوطني كأداة فعّالة لتعزيز الروح الوطنية وتعبئة الوعي الجمعي، ومواجهة الأفكار السلالية والطائفية الضالة، التي تروج لها المليشيا.

واختُطف فرحان- الذي ما زال خلف القضبان حتى الآن- من قِبل المليشيا أثناء إحيائه حفل زفاف في ذمار- جنوب صنعاء، حيث كان يؤدي معزوفات وطنية كما هي عادته في الأفراح التي يحييها في العديد من المحافظات، وجعلته متميزًا عن سواه ويحظى باهتمام كبير ومحبة لدى اليمنيين.

وأثارت هذه الأعمال الفنية، التي تحمل في طياتها رسائل وطنية، استياء المليشيا الإرهابية التي ترى في الفن الوطني تهديدًا مباشرًا لمشروعها الرامي إلى طمس الهوية الثقافية اليمنية الجامعة؛ فالفن وفقًا لخبراء- بقدرته على إحياء الذاكرة الوطنية- يشكل سلاحًا رمزيًا يقاوم محاولات المليشيا فرض ثقافة دخيلة تخدم أجنداتها الطائفية.

ويُعرف خليل فرحان بتقديمه، إلى جانب النشيد الوطني، مجموعة من المعزوفات الوطنية لكبار الفنانين اليمنيين أبرزهم أيوب طارش، والتي تُمجد قيم الجمهورية وتُخلّد محطات نضالية محورية في تاريخ اليمن، مثل ثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر.

ويُنظر إلى هذه الأعمال، وإن جاءت بشكل عفوي، كرافد مهم يعزز الوعي الجمعي بالإرث الوطني، ويبرز الأدوار البطولية التي اجترحها اليمنيون في مواجهة التحديات عبر مراحل الكفاح المختلفة؛ كونها تساهم في تذكير الناس بارتباطهم بتاريخهم النضالي، وتعيد إنتاج هويتهم الوطنية في مواجهة محاولات المليشيا لتجريفها.

وفي خضم ما تعيشه المليشيا الإرهابية من ذعر؛ جراء فشلها الذريع في تدجين اليمنيين في المناطق المنكوبة بسيطرتها، رغم كل محاولاتها بالترهيب والترغيب وخوفها من الغليان الشعبي، المهدد بإسقاطها في أي لحظة، تتجه إلى إسكات كل صوت وطني، ومن ذلك جريمة اختطاف خليل فرحان.
تشن مليشيا الحوثي حربًا منظمة ضد الفنانين والمبدعين، حيث تستهدف القطاع الفني كجزء من استراتيجيتها للقضاء على كل ما يرتبط بالهوية اليمنية الأصيلة، حيث منعت إحياء الأعراس في محافظات مثل عمران، وأجبرت أصحاب قاعات المناسبات على استبدال الأغاني الطربية التقليدية بزواملها التي تروج لثقافة طائفية مقيتة، تخالف التراث الثقافي اليمني.

ويؤكد خبراء أن هذه المحاولات اليائسة لفرض ثقافة دخيلة تتعارض كليًا مع القيم الوطنية التي يتشبث بها اليمنيون، تعكس ذعر المليشيا من قوة الفن كأداة للمقاومة الثقافية.

وفي هذا السياق، أشار نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، طارق صالح- خلال لقائه بفرقة قناة الجمهورية الإنشادية، في 8 أبريل الماضي- إلى أن استهداف المليشيا للفن اليمني العريق يستهدف في الأساس الهوية الوطنية الجامعة، باعتبار الفن جزءًا لا يتجزأ من النسيج الثقافي الذي يُعبِّر عن ثقافة التنوع اليمني.

ولا يخفى على أحد الدور الحيوي للفن الوطني في ترسيخ القيم الجمهورية وتعزيز الانتماء الوطني؛ فالفن، بوصفه صوتًا معبرًا عن القضايا الوطنية، يُعد أداة هامة في توثيق الملاحم النضالية، كما يقدم إسهامات بارزة في الحفاظ على الذاكرة الجماعية لليمنيين.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية