حنتوس الذي عرى المليشيا الحوثية حياً وشهيداً
الجماعات الإسلامية العربية المتعاطفة مع الكهنوت أو المترددة بين الإنكار والتأييد فوجئت بجريمة تمس جوهرها الأسمى: المساجد، العلماء، القرآن وحرمة بيوت الله.. لذا انحزت ضد الكهنوت وبشدة.
ومؤسسات دينية كبيرة تواطأت مع سردية الكهنوت لكن بعد ما حدث لحنتوس، تراجعت، مثل الأزهر ودار الإفتاء التونسية وعلماء الخليج، علماء المغرب، وتيقنت أن الجماعة هذه طائفية، ومشروع عدائي للدين نفسه، وانكشفت سردية الزيف، فالجريمة لم تكن سياسية، بل دينية بحتة، وحنتوس لم يكن خصماً سياسياً أو صاخباً بل عالم قرآن، من بيته إلى محرابه، من القرآن إلى القرآن.
جريمة الكهنوت بحق حنتوس لم تهز الكهنوت فقط، بل محور الممانعة، الذي وجد نفسه عاجزاً حتى عن التبرير، وهو طالما احتفى بالكهنوت كجزء من مشروعه، وفي لحظة ما ينكشف للناس بسوء.
اغتيال الشيخ حنتوس بتلك الطريقة كانت هزة وجدانية ومثلت صدمة نفسية للجمهور العربي؛ فحنتوس صورة مثالية للأب الذي يشبه كل الآباء والأجداد، وللمربي الفاضل، وله رمزيته لدى العرب.
وفي خلافات كل العرب لا يحتملون قتل شيخ في محرابه، هذا يذكرهم بعثمان، وامتداد الجريمة إلى هذه اللحظة، لذا خسر الكهنوت ما كسبه من تعاطف لدى الشارع العربي ولدى المؤسسات الدينية منذ عامين خلت، وذابت سمعة الجماعة وقد صنعوها في سنوات أمام لحظة استشهاد رجل ثمانيني، لا يملك إلا مصحفه.