اليمن يودع سفير الأغنية المهرية محمد مشعجل
فقدت الساحة الفنية اليمنية، الإثنين، واحدًا من أبرز أصواتها الغنائية، برحيل الفنان محمد مشعجل عن عمر ناهز 49 عاماً، بعد أزمة صحية مفاجئة، في خبر صادم لمحبيه داخل اليمن وخارجه.
عُرف مشعجل، المنحدر من منطقة ضبوت بمديرية الغيضة، عاصمة محافظة المهرة، شرقي اليمن، بصوته الدافئ وأدائه المتفرد، ونجح في أن يمنح الأغنية المهرية حضورًا لافتًا في المشهد الغنائي الوطني، حيث أخرجها من نطاقها المحلي إلى آفاق أوسع منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي.
بألحانه وإيقاعاته، أدخل مشعجل اللون الغنائي المهري إلى قلوب المستمعين، ليصبح اسمه علامة فارقة بين جيله من الفنانين، غير أنه كان بين عدد قليل من الفنانين الذين تجنبوا التقليد وأنتجوا أعمالاً فنية جديدة ومبهرة، بفارق أن مشجعل كان ذا صوت أخاذ ومرهف.
وشكلت أعماله الغنائية ملامح تجربة فنية فريدة، امتازت بالجرأة على التجديد وسط ساحة يطغى عليها التقليد، وقد ارتبط الجمهور بصوته العذب الذي حمل لهجة بدوية أصيلة ممزوجة بروح عصرية جعلته يتجاوز حدود المهرة إلى أرجاء اليمن ودول الخليج.
وكتب لمشعجل عدد من كبار شعراء المهرة، بينهم صالح خليفة كلشات وتمام سعد كده وحاج علي دعكون وعلي عوض سلمان رعفيت وسعيد العوبثاني، كما تعاون مع ملحنين بارزين مثل عسكري حجيران وأبو صبري وغيرهما.
ولم يقتصر حضوره على الساحة المحلية، إذ كان حاضرًا في الفعاليات الوطنية الكبرى، حيث شارك في إحياء المناسبات والأعياد الوطنية بانتظام، وكان ضمن الوفد الثقافي والفني الذي مثل المهرة في فعاليات صنعاء عاصمة الثقافة العربية عام 2004.
وامتدت مشاركاته إلى خارج اليمن، فوقف على مسارح خريف صلالة، كما أحيا حفلات فنية في السعودية وقطر ودول خليجية أخرى، ليحمل بصوته الشجي صورة فنية مشرقة عن اليمن وبيئته الشرقية الغنية بالطرب.
برحيله، يخسر اليمن أحد أبرز رموزه الغنائية المعاصرة، لكن إرثه الفني يظل شاهدًا على تجربة استثنائية كتبت اسم محمد مشعجل في ذاكرة الفن اليمني وذائقة الجمهور، كصوت نادر لا يعوض ونغمة لا يخفت صداها.