"متحف الذاكرة" لوحات فنية تجسد عقدًا من معاناة سكان تعز بسبب الحصار الحوثي
بين الصورة واللوحة تتجسد المعاناة لتروي مأساة إنسانية عاشتها مدينة تعز منذ أكثر من 10 سنوات، تحت وطأة الحصار الجائر الذي فرضته مليشيا الحوثي الإرهابية على المحافظة.
في معرض فعالية "متحف الذاكرة"، الذي أُقيم في المتحف الوطني بتعز، على مدى ثلاثة أيام، لتوثيق معاناة الحصار الحوثي على محافظة يسكنها أكثر من ثلاثة ملايين إنسان، برز حجم المأساة التي لحقت بالمواطنين طيلة السنوات الماضية.
- متحف الذاكرة
تمتلئ زوايا المتحف الوطني بالصور والرسومات التي تُظهر الانتهاكات وجرائم الحرب التي ارتكبتها مليشيا الحوثي بحق المدينة؛ إذ توثق تلك اللوحات الممارسات الممنهجة التي قامت بها المليشيا- ولا تزال- بحق المواطنين، وكيف تحوّلت المدينة إلى سجن كبير عبر آلة الموت الحوثية.
وعُرضت في المتحف أكثر من 250 لوحة رسم، و165 صورة فوتوغرافية مشبعة بالمعاناة، و20 مجسمًا فنيًا، بالإضافة إلى شاشة عرض، وركن خاص بالذاكرة، في محاولة لتخليد أرواح الضحايا، ورصد المأساة الإنسانية التي خلفتها عشر سنوات من الحرب الحوثية على المدينة وأهلها.
شارك في الفعالية حتى يومها الثالث أكثر من 1500 زائر، من مسؤولي السلطة المحلية بالمحافظة والشخصيات الاجتماعية والثقافية والسياسية، وعدد من الإعلاميين والصحفيين والحقوقيين ومنظمات المجتمع المدني.
في اليوم الثالث، وعلى هامش الفعالية، نفذت مؤسسة بيت الصحافة ومكتب شؤون الحصار،جلسة استماع لشهادات حول انتهاكات ضد الصحفيين في محافظة تعز.
- إعادة أرشفة الذاكرة
يقول مدير العلاقات العامة بديوان عام محافظة تعز سام البحيري لـ"وكالة 2 ديسمبر"؛ إن متحف الذاكرة يعيد أرشفة الذاكرة الممتلئة بالمعاناة التي عاشتها تعز، ومازالت تعيشها بسبب الحصار الحوثي على المدينة منذ عشر سنوات.
وأضاف البحيري أن جرائم مليشيا الحوثي محفوظة في ذاكرة المدينة وأبنائها قبل أن تُجسد بريشة ولون وصورة المتحف، حيث توثق اللوحات والصور جرائم المليشيا بين الحصار وطلقة القناص والشظية والمدفع والقذيفة واللغم.. مؤكدًا أن كل جرائم المليشيا لن تسقط بالتقادم.
واعتبر سام الفعالية "رسالة للعالم وكل الجهات الحقوقية، وتذكير بأن عبث مليشيا الحوثي والمعاناة التي عاشها أبناء المحافظة مؤرشفة في ذاكرة الأجيال بالصوت والصورة والرسمة".
- كسر جزئي للحصار
في السياق، يقول الصحفي عبدالسلام القيسي- أحد المشاركين في فعالية متحف الذاكرة- إن هناك ثلاث مراحل لطريق مختصر وبمواصفات دولية قام بها العميد طارق صالح من أجل كسر الحصار الحوثي على مدينة تعز، بدءًا بالمرحلة الأولى (خط الكدحة) وقد اكتملت، والثانية خط موزع وصولًا إلى باب المندب، والمرحلة الثالثة أعلن عنها العميد طارق من منطقة البيرين إلى الكدحة.
وأضاف القيسي لـ" 2 ديسمبر" أنه يجب ألا "نختصر الحصار بقطع الطريق فقط؛ فالحوثي حاصر تعز بالمياه والتعليم والمستقبل وفي كل شيء، حيث قامت المليشيا بقطع العلاقات الاجتماعية بين شمال وجنوب تعز، وسببت عزلة تهدد النسيج المجتمعي".
- بالأرقام.. جرائم الحصار الحوثي
يُعد حصار المدن ومنع وصول الغذاء والمساعدات؛ لتجويع المدنيين وحرمانهم من مقومات الحياة الأساسية، ثم إخضاعهم واستخدام الحصار كسلاح حرب- كما فعلت المليشيا الحوثية بحق سكان تعز- انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان واتفاقيات جنيف.
حيث تسبب الحصار الحوثي بوفاة أكثر من 10 آلاف شخص من المدنيين نتيجة انعدام الدواء، وتضرر 31 مدرسة للتعليم، وحرمان أكثر من 32 ألف طالب من التعليم، بالإضافة إلى وقوع 573 حادثًا مروريًا في الطرق البديلة أدت إلى وفاة 436 شخصًا وإصابة 1049 آخرين، وفقدان آلاف الأشخاص لوظائفهم.
علاوة على ذلك، يؤكد الناشط المجتمعي محمد عبده، خلال حديثه لـ"وكالة 2 ديسمبر "، أن الحصار الذي فرضته مليشيا الحوثي على تعز لم يكن سوى تعبير عن حقد دفين على مدينة رفضت أن تنكسر.
وقال محمد، إن الحوثيين "أرادوا أن يجعلوا من الجوع والوجع سلاحًا لإخماد الحياة، لكن تعز صمدت وواجهت الحقد بالكرامة والصبر".
واعتبر أن متحف الذاكرة اليوم ليس مجرد مكان للعرض، بل هو قلب نابض يحمل أنين الأمهات وصمود الأطفال ودموع الجرحى، ليقول للعالم؛ إن تعز دفعت ثمن الحرية من دمها ولقمة عيشها.
واختتم حديثه بالقول: "هذا المتحف وعد بأن وجعنا لن يُنسى، وأن جرائم الحصار ستبقى شاهدة على قبح المعتدي وعظمة المدينة العصية على الانكسار".