القيادة وكبح جماح الإعلام مهمة شاقة تتطلب شعوراً عميقاً بالمسؤولية. فالحرف جزء من دوران الكون، إما أن يطلق كالرصاصة أو يكون لبنة في البناء. وقد يتحول إلى لغم يفجر أو إلى مشروع دولة يُبنى.

بعد ديسمبر كان لزاماً لملمة الخطاب واستعادة توازنه نحو البوصلة الوطنية. 
فجعل الكهنوت عدواً وحيداً والابتعاد عن المهاترات والمكايدات شكلا الغطاء السياسي للقوة العسكرية التي مضت في البناء، لينعكس ذلك لاحقاً على تطور في البنية التحتية وخلق نموذج، ولو في الحد المقبول.

تعز امتلكت نموذجاً للمسؤول في شوقي هايل وغيره لا بقدراته الإدارية فقط بل بشعوره بالمسؤولية وانتمائه للأرض.

فمسؤولية القائد أن يحدد بوصلة أنصاره، التطرف لا يفرز إلا تطرفاً، والمناطقية لا تولد إلا مناطقية، والبناء على أساس هش من المراوغة وغياب المصداقية لا يمكن أن ينتج مؤسسات دولة.

القائد الحقيقي يسمو فوق كل ما هو نشاز يحاول جره نحو انحراف البوصلة.
والمناطق المحررة كانت بحاجة إلى بوصلة واضحة تعيد بناء مؤسسات الدولة والتنمية وتؤكد المسؤولية تجاه جميع مكونات المجتمع بلا استثناء.

كل ما يطلق من مشاحنات يعود على مطلقها ولا يدرك ذلك إلا من يملك أهدافاً سامية. 
عندما تستمع إلى المغفور لها افتهان، تستشعر المسؤولية والتشبث بالأرض فبرغم العراقيل لم يكن أمامها إلا البقاء رافضة كل البدائل والمغريات. 
لكن التروس لا تعمل في ماكينة معطلة فهي "جزء من كل" وكلما حاولت عجلة الحياة الدوران تكسر أسنانها بالعراقيل المحيطة.

أهم ما يجب أن يتوافر في الإداري هو الشعور بالمسؤولية، فإتقان العمل أهم من العمل نفسه. 
قبل فترة قرأت من يكتب عند انخفاض سعر الصرف أن تعز تخلصت من زحمة الحوبان فقلت: ما هذا الجنون؟ كيف يمكن أن يكتب عن مدينة بتقطيع أوصالها، ولو على سبيل المزاح؟

تعز بحاجة إلى مشروع جامع يسمو فوق كل مناكفة
فكلما هممت بالنيل من أخيك تذكر أنك تنال من نفسك أولاً.

لقد أوغلت الحرب الكهنوتية في كل المناطق وخدشت الأرواح والضمائر، وأول أبواب الجمهورية والتخلص من آثار الكهنوت هو إصلاح النفس وتحمل المسؤولية وتثبيت البوصلة نحو المستقبل دون السماح بانحرافها عن الهدف السامي.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية