"المساواة" جوهر الإسلام و26 سبتمبر
منذ بزوغ رسالة الإسلام، واجهها المتجبرون بالرفض، لا لأنهم شككوا في صدقها، بل لأنهم رأوا فيها تهديداً لسلطتهم وادعاءاتهم بالسيادة على الناس. كانوا يقولون لرسول الله: "أتريد أن تكون سيداً علينا؟" وهنا كانت جوهر المشكلة، واتخذوا من هذه الحجة الباطلة مبرراً لمحاربة دين المساواة.
المفارقة أن هؤلاء أنفسهم لم يجدوا حرجاً في أن ينصبوا أنفسهم أسياداً وملوكاً على البشر، ويعتقدوا أنهم أفضل من غيرهم، بينما يرفضون كل فكرة عن العدالة والمساواة التي جاء بها الإسلام، كما جاءت بها سائر الديانات السماوية، لكسر هذه المعادلة الظالمة وترسيخ مبدأ المساواة في مواجهة نزعة الاستعلاء والطبقية.
اليوم يعيد الحوثيون إنتاج هذا المشهد بكل تفاصيله، وهذا نتيجة ما توارثته هذه الجماعة من أجدادها كفار قريش الذين حاربوا الإسلام قبل أن يحاولوا التغلغل فيه وتنصيب أنفسهم أسياداً على الناس. لكنهم اصطدموا بقاعدة راسخة في دين الله، تقوم على المساواة ورفض الاستعباد وادعاء الأفضلية.
ولذلك؛ لم تتردد المليشيا في ارتكاب فعلتها الشنيعة بحذف كلمة "ومخلفاتهما" وأيضاً عبارة "إزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات" من الهدف الأول لثورة 26 سبتمبر، الذي ينص على: «التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما، وإقامة حكم جمهوري عادل، وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات». هذا السلوك ليس تفصيلاً عابراً، بل إقرار صريح بأن مشكلتهم الجوهرية مع فكرة المساواة التي تهدم أسس مشروعهم السلالي.
إن ما يجري يضعنا أمام حقيقة واضحة كالشمس: الحرب التي نخوضها مع مليشيا الحوثي ليست مجرد صراع سياسي أو تنافس على السلطة، بل معركة بين مشروعين متناقضين؛ مشروع يقوم على المساواة والعدالة، وآخر يقوم على ادعاء الحق الإلهي والسيادة الطبقية.
ولهذا؛ فإن دفاع اليمنيين واحتفالهم بالجمهورية وثورة 26 سبتمبر ليس دفاعاً عن نظام حكم فحسب، بل عن قيم إنسانية وإسلامية خالدة، في مقدمتها المساواة التي جاء بها الإسلام، وضحّى لأجلها اليمنيون بثورتهم ضد الكهنوت.