صراعات أجهزة الاستخبارات الحوثية.. المدنيون وقودها
فاتورة باهظة دفعها المواطن اليمني في المناطق المنكوبة بالمليشيا الحوثية الإرهابية، وما زال يدفعها ثمنًا لحروب المليشيا المرتهنة لطهران، واليوم تتضاعف التكلفة مع اشتعال الصراعات البينية بين أذرعها على النفوذ والسيطرة، وكل يوم يمر يتضاعف شعور المواطنين تحت حكم هذه العصابة الإجرامية بالمرارة والقهر والألم، في مناطق تحولت إلى زنزانة واسعة بلا جدران.
لم تكتفِ المليشيا بتحويل المناطق المنكوبة بها إلى سجن كبير، بل مضت نحو تأسيس أجهزة استخبارات وقمع خاصة بكل قيادي، يدشن أعماله بحملات اختطاف واسعة، بتهم جاهزة «التخابر» تستهدف الموظفين والمعلمين والأكاديميين والعاملين في المنظمات الدولية والشخصيات الاجتماعية، وكل مواطن يئن تحت وطأة الفقر والمرض دون استثناء لطفل أو امرأة أو شيخ.
وبالتوازي مع هذه الاختطافات، يُجبر المختطفون على الاعتراف بجرائم زائفة تحت التهديد والتعذيب، ثم تُستخدم هذه الاعترافات إعلاميًا لتبرير القمع أمام المخدوعين والمصدقين لشعارات المليشيا الزائفة، ولتعميق الخوف في صفوف المجتمع وإجباره على الصمت والقبول بالأمر الواقع.
ومع تغوّل هذه الأجهزة، لم يعد هناك ما يتسع في تلك المناطق سوى المقابر والسجون؛ بعد أن حصدت حربهم المجاعات والأمراض لآلاف الضحايا، تتسابق المليشيا اليوم إلى سباق آخر يتمثل في ملء السجون بالأبرياء. وها هو نجل الهالك حسين الحوثي، المدعو «علي»، يستحدث سجوناً جديدة باسم جهاز استخبارات الشرطة لإثبات نفسه وإزاحة قيادات أخرى منافسة كالخيواني وغيره ممن سبق أن أنشأوا سجونًا خاصة، في مشهد تتفاضل فيه القيادات بعدد المختطفين لا بعدد الإنجازات والبناء.
ولم يتوقف الضرر عند ذلك؛ إذ يدفع الموظفون في المنظمات الإنسانية الثمن الأكبر، ويواجهون حملات ابتزاز واختطافات كبيرة، بينما تكتفي المنظمات الدولية بإدانات شكلية أو بطرح ورقة إيقاف المساعدات التي تطمح إليها المليشيا، تتخذ من التجويع وسيلة لإخضاع الناس وابتزاز حياتهم اليومية.
وبفعل هذا التوحش، بات ما يعيشه المواطنون في المناطق الرازحة تحت حكم المليشيا الإرهابية التابعة لإيران مأساة مستمرة، تضع القوى المناهضة للحوثي والمجتمع الدولي أمام مفترق طرق: إما القيام بالمسؤولية الأخلاقية والإنسانية وإنقاذ ملايين الأبرياء، أو الاستمرار في صمت مخزٍ أصبح وصمة عار تتوسع بمرور الوقت.
ووسط كل هذا الظلام الذي يشتد حلكة كل يوم، يبقى السؤال مؤلمًا: متى ينتهي هذا العبث؟ ومتى تعود هذه المناطق إلى حضن الدولة والوطن، ليستعيد الإنسان فيها حياته الكريمة؟
 
                                 
									
									
									
								







