اليمن اليوم يبدو كلوحة مضطربة على خريطة النفوذ الإقليمي، حيث تسعى إيران لتعويض خسائرها الاستراتيجية في لبنان وسوريا، فتحول البلاد تدريجيًا إلى قاعدة عسكرية متقدمة.

كل شحنة أسلحة، كل قطعة معدات عسكرية تصل إلى أيدي الحوثيين، لا تمثل مجرد دعم، بل خطوة على رقعة شطرنج إقليمية يزداد فيها التوتر مع كل حركة، وتحرك فيها النفوذ كما يتحرك المد والجزر في بحر مفتوح لا نهاية له.

على الأرض، المقاومة الوطنية ضبطت مؤخرًا شحنات كبيرة في باب المندب، شملت مواد كيميائية ومعدات عسكرية، ناهيك عن شحنة سابقة ضخمة بلغت 750 طنًا.

هذه الوقائع ليست أرقامًا على الورق، بل مؤشر واضح على حجم التهديد المباشر، وعلى قدرة الحوثيين على الصمود، ما يجعل أي جهود للتسوية السياسية أشبه بمحاولة عبور عاصفة هوجاء.

الأثر الإقليمي والدولي يتضح أكثر عند النظر إلى مضيق باب المندب والبحر الأحمر، أحد أهم الشرايين المائية للتجارة العالمية.

كل شحنة أسلحة تعني احتمالًا متزايدًا للهجمات على السفن والموانئ، ويجعل اليمن قلبًا نابضًا للتوتر، تتصاعد ارتدادات أزمته بعيدًا عن حدوده لتصل إلى المنطقة بأكملها.

المقاومة الوطنية وجهت تحذيرًا صارمًا للمجتمع الدولي والإقليمي:
أي تراخٍ في مواجهة هذا الدور الإيراني سيزيد من نفوذ الحوثيين ويضاعف المخاطر الأمنية والإنسانية، ويجعل اليمن ساحة تصعيد طويل الأمد، يكتب على جدران التاريخ بصمات مأساوية، ويختبر قدرة المجتمع الدولي على ضبط النزاعات العابرة للحدود.

اليمن اليوم ليس ساحة نزاع عادي، بل محور صراع نفوذ تتقاطع فيه مصالح الأمن الإقليمي مع المصالح الدولية.. استقرار المنطقة وسلامة الملاحة البحرية مرتبطان بشكل مباشر بمدى قدرة العالم على التحرك وفرض الأمن والاستقرار.. استمرار الوضع على حاله يعني أن التصعيد سيستمر، وأن معاناة المدنيين ستتضاعف في بلد يرزح تحت أصعب الأزمات الإنسانية في العالم، حيث تلتقي السياسة بالحرب، والمصالح بمصير البشر على أرضٍ تموج بالصراعات.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية