وسط استهداف حوثي للعمل الإغاثي.. تقارير دولية ترسم صورة مقلقة لمستقبل الأمن الغذائي في اليمن
تتجه بوصلة التحذيرات الدولية مجددًا نحو اليمن، حيث يزداد المشهد الإنساني قتامة مع اتساع رقعة الجوع وتراجع القدرة على الاستجابة مع موجة انتهاكات واسعة للحوثيين تطول العمل الإغاثي وتعمق الجوع.
وفي بلد يعتمد أكثر من ثلثي سكانه على المساعدات، يبدو أن المعادلة الإنسانية اقتربت من نقطة الانهيار، كما تكشف تصريحات جويس مسويا، مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، خلال إحاطة ركزت على ارتباط النزاع بتفاقم انعدام الأمن الغذائي.
بحسب مسويا، يعاني 17 مليون يمني من الجوع الشديد، مع توقعات بارتفاع العدد بمليون إضافي خلال الفترة المقبلة؛ أرقام تعكس ليس فقط حجم المأساة، إنما أيضًا العجز الدولي المتزايد عن الوصول إلى الفئات الأكثر هشاشة.
المسؤولة الأممية لم تُخف أن القيود المفروضة على العمل الإغاثي وانعدام الأمن يشكلان عائقًا مباشرًا أمام إيصال المساعدات إلى المناطق الأكثر حاجة، وهي إشارة واضحة إلى الدور الذي تلعبه ممارسات مليشيا الحوثي في خنق العمل الإنساني وتقليص حصص المساعدات الموجهة للملايين في مناطق سيطرتها، حيث يتمركز معظم المحتاجين.
وتتسق هذه التحذيرات مع تقييمات مؤسسات دولية أخرى؛ فالبنك الدولي حذّر مؤخرًا من أن أكثر من 60% من الأسر اليمنية باتت تجد صعوبة في توفير الغذاء اليومي، ما يدفعها إلى خيارات قصوى مثل التسول والاعتماد الكلي على المساعدات، وهو مؤشر على أن شبكات الصمود المجتمعي آخذة في التآكل.
أما برنامج الأغذية العالمي، فذهب أبعد من ذلك في تقريره ضمن مؤشر الجوع العالمي لعام 2025، محذرًا من أن اليمن يقترب من الانزلاق إلى فئة "الجوع الحاد للغاية" إذا استمرت المؤشرات الحالية بالتصاعد، خصوصًا مع تراجع المستوى العام للمساعدات وشح التمويل.
ووفقًا لنتائج المسح الميداني لشهر سبتمبر التي أعدها البرنامج التابع للأمم المتحدة، فإن 61% من الأسر لا تستطيع تأمين الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية، فيما سجلت صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون أعلى مستويات الحرمان بين النازحين بنسبة بلغت 45%.
هذه المعطيات، مجتمعة، ترسم صورة مقلقة لمستقبل الأمن الغذائي في اليمن؛ إذ يواجه البلد تهديدًا مضاعفًا، من جهة صعوبات الوصول الإنساني، وانكماش التمويل الدولي من جهة أخرى، بينما تتواصل الممارسات الحوثية التي تقوض عمل المنظمات وتمنع استهداف الفئات الأكثر هشاشة، مما يعني أن الجوع قد يأخذ اتجاهًا تصاعديًا يصعب كبحه، ليضيف طبقة جديدة من المآسي إلى واحدة من أشد الأزمات الإنسانية تعقيدًا في العالم.









