أدت التهديدات الإيرانية النووية والبالستية وتدخلها في شؤون دول المنطقة سابقا ولاحقا إلى جلب الويلات الاقتصادية عليها، بداية بالانسحاب الأميريكي من الاتفاق النووي في مايو وإعادة فرض عقوبات واسعة النطاق على اقتصادها في 7 أغسطس، وفي الأمس (5 نوفمبر) تم أيضا إعادة حضر صادراتها النفطية وتعاملاتها المالية، مما سيكون له تداعيات كارثية على أداء اقتصادها الذي كاد أن يتحسن ببطء خلال تنفيذ الاتفاق النووي ورفع الحضر عن صادراتها النفطية.

 

فمنذ توقيع الاتفاق النووي بين إيران والبلدان (5+1) في 24 نوفمبر 2013م، بدأ الاقتصاد الإيراني يتحسن مع ارتفاع إيراداته النفطية، حيث نما بـ(3.8 %) في 2017 /2018م وتراجع معدل البطالة إلى (12.1 %) والعجز المالي إلى (1.8 %)، رغم تراجع فائض الحساب الجاري من (3.9 %) في 2016 /17 إلى (3.5 %) من الناتج المحلي الإجمالي في 2017 /2018م. ولكن إنهاء أميركا للاتفاق النووي أدى إلى انخفاض قيمة الريال الإيراني بـ(172 %) في أغسطس 2018م لتصل قيمته مقابل الدولار إلى أكثر من (100) ألف ريال، مما تسبب في ارتفاع معدل التضخم إلى (24 %) والأعلى منذ 2013م (البنك الدولي).

 

كما تسبب الحضر الأولي في تراجع الصادرات الإيرانية من النفط والمكثفات بـ(800) ألف برميل يوميا من ذروة (2.7) مليون برميل يوميا في يونيو/ 2018 إلى (1.9) مليون برميل يوميا خلال الفترة من مايو حتى سبتمبر، حيث أوقفت فرنسا وكوريا الجنوبية استيرادها للنفط والمكثفات الإيرانية في يوليو، وانخفضت واردات أكبر عملاء إيران: الصين والهند من (644) ألف و (576) ألف برميل يوميا إلى (441) ألف و (554) ألف برميل يوميا على التوالي، وهو ثاني أدنى مستوى منذ ديسمبر 2015م ومن المتوقع أن تستمر هذه الانخفاضات (ClipperData). كما توقعت وكالة الطاقة الدولية أن تتراجع صادرات النفط الإيراني إلى (1-1.5) مليون برميل يومياً خلال الأشهر القادمة من إجمالي صادراته البالغة (2.32) مليون برميل يومياً في يوليو.

 

إن هذا الحضر الأميركي الحازم لن يكون مشابها لحضر 28 يوليو 2012م، بل سيكون قاسيا جدا ومدمرا للاقتصاد الإيراني الذي يعاني من بطالة وتضخما وعجزا في ميزان مدفوعاته في ظل الظروف الاقتصادية المتقلبة، مما قد ينتج عنه انكماشا حادا في نموه يتجاوز (1.4 %) مع انخفاض الصادرات والاستهلاك (الطلب) وانكماش قطاع الصناعة (العرض). وبهذا لم يبق أمام النظام الإيراني إلا الركوع وإيقاف إنتاجه لأسلحة الدمار وتصديره للإرهاب وتدخله في شؤون المنطقة، إذا ما أراد إنقاذ اقتصاده من الدمار وزعزعة أمنه واستقراره وتجويع شعبه.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية