يقف الحاج محمد مع أسرته المكونة من 7 أفراد بينهم أربع نساء على باب أحد عُقال الحارات بأمانة العاصمة صنعاء، ويستجدي عاقل الحارة بأن يمنحه شيئاً من المساعدات الغذائية لدفع شبح الجوع الذي يداهم أسرته.

 

يتكئ هذا الرجل العجوز على عصاه التي تسند جسده النحيل من الوقع على الأرض، ويداه ترتعشان ليس من كبر السن حد قوله، وإنما من الجوع الذي يسكن منزله منذ أشهر ويفرض عليه تناول وجبة واحدة في اليوم غالباً ما تكون خبزاً وشاي يتفضل بها جيرانه.

 

أمام باب عاقل الحارة الموصد يعرض هذا الحاج وأسرته معاناتهم التي تسببت فيها ميليشيا الحوثي، وبعد ساعات من الانتظار تفضل عاقل الحارة بفتح بابه وصرخ في وجه هذه الأسرة المكلومة قائلاً: "سيروا عند الذي يحكموا البلاد.. أنا مواطن مثلكم، ولا في يدي شيء".

 

هذه الكلمات كانت أشد قسوة من الجوع على هذه الأسرة، ويكتفي رب الأسرة بالقول: "حسبنا الله ونعم الوكيل".

 

من جانبه عاقل الحارة يقول لـ"وكالة 2 ديسمبر": "نحن لا نخفِ المساعدات الغذائية، ولا تصلنا إلا نادراً وبكميات قليلة جداً، وأكبر كمية وصلتنا 50 سلة غذائية لعدد 50 أسرة، وفي حاراتنا تبلغ عدد الأسر حوالي 700 أسرة، وتسلمنا خلال عام كامل 100 حالة فقط على مرحلتين، والناس تتهمنا بأكل وبيع المساعدات، في حين الكبار هم من يتاجروا بالمساعدات الإغاثية".

 

يعترف عاقل الحارة الذي فضل عدم ذكر اسمه بأن المساعدات الإغاثية لا تصل إلى مستحقيها، ويتم المتاجرة بها من قبل ما يسميهم بـ"الكبار" في إشارة منه إلى قيادات ميليشيا الحوثي.

 

4 سنوات من النهب المستمر لمقدرات الدولة من قبل ميليشيا الحوثي التي امتدت يدها لتسطو على المعونات الإغاثية التي تختفي من أمام الفقراء والمحتاجين وتظهر في الأسواق أو في بيوت قيادات الميليشيا.

 

في ذات السياق يتذكر أحد المواطنين قصة حدثت أمام عينيه حين جاءت جماعة من ميليشيا الحوثي لتعزية أسرة جاره الذي قُتل في صفوف الميليشيا، وقدمت الميليشيا لأسرة القتيل مساعدات غذائية تحمل شعارات وعلامات منظمات إغاثية دولية، مما يدلل على أن المعونات التي تُقدم للشعب الذي أفقرته الميليشيا لا تصل سوى إلى مخازن وبيوت ميليشيا الحوثي.

 

بعد أن زاد الحديث عن سرقة ميليشيا الحوثي للمعونات الغذائية وبيعها في الأسواق أو منحها لعناصرها، بدأت الميليشيا بممارسة أسلوب التمويه، حيث تقوم باستبدال أغلفة المساعدات الإغاثية بأغلفة أخرى خوفاً من تصويرها وتناقلها للرأي العام.

 

وكانت "وكالة 2 ديسمبر" قد علمت من مصادرها قيام ميليشيا الحوثي بارتكاب جريمة إنسانية أخرى تتمثل في استبدال كشوفات أسماء النازحين بأسماء عناصر تابعة لها من أجل توجيه المساعدات الغذائية إليها وحرمان النازحين من هذه المساعدات الإغاثية.

 

لم تتوقف الممارسات التي تقوم بها ميليشيا الحوثي لسرقة المساعدات الإغاثية بل تتواصل لتخرج مؤخراً بفكرة نهب جديدة، حيث تعالت أصواتها المطالبة بتحويل المساعدات الإغاثية من مواد غذائية إلى مبالغ نقدية، وذلك بعد أن حققت الاكتفاء من المعونات الغذائية التي تكدسها في مخازنها، لتفكر الآن بجني الأموال التي تطالب بتقديمها كمعونات والتي بلا شك ستذهب إلى عناصرها التي ستقدم كشوفات بأسمائهم على أنهم فقراء ومحتاجين ونازحين وغيرهم من الذين يستحقون العون الإنساني.

 

وتأتي هذه المطالبات من قبل ميليشيا الحوثي بتحويل المعونات الإغاثية من مواد غذائية إلى مبالغ مالية بعد أن انكشف أمرها على مستوى العالم بأنها تسرق المعونات الإغاثية وتبيعها وتمنحها لعناصرها، والذي على إثره أعلن برنامج الأغذية العالمي أن 60% من المساعدات الغذائية المخصصة لليمنيين الذين يعانون الجوع الشديد تتعرض للسرقة والنهب وتُباع في المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية