إلى اليوم، ما تزال كافة المدارس الحكومية في مديرية حيس جنوب الحديدة موصدة أبوابها منذ عام ونصف تقريبا، في ظل القصف الحوثي المتواصل الذي يمطر المدينة يوميا بالقذائف ويستهدف المنشآت الصحية والتعليمية والمنازل.

 

فبعض مدارس المدينة تعرض للدمار بأيدي المليشيا الحوثية، ووقوع أخرى على خط النار، وتعرض باقي المدارس لعمليات الاستهداف من جيوب المليشيات الحوثية في مناطق نائية وجبال محيطة بالمديرية.

 

"وكالة 2 ديسمبر" تلقت دعوة من مصادرها هناك لتغطية مثل هكذا حدث والاطلاع على تجربة قل نظيرها في المدينة، عمل من خلالها الأهالي بالتعاون مع المعلمين ومدراء المداس لاتخاذ بدائل يتم عبرها تدارك وضع التلاميذ وإلحاقهم بالتعليم مجدداً، حتى وإن لم تكن هناك مدارس متاحة للتدريس.

 

خمسة عشر منزلاً تبرع بها بعض الأهالي، ومساجد، وأماكن مفتوحة، أصبحت الآن أماكن بديلة للتعليم حتى يتم ترميم مدارسهم وإعادة تجهيزها وافتتاحها كما هو حال المدارس المتضررة تم ترميمها وتجهيزها في عدة مديريات بالساحل الغربي لتستأنف فيها العملية التعليمية منقذة آلاف الطلاب والطالبات من الضياع.

 

وفي أروقة ضيقة تقود لبعض المنازل المخصصة لتعليم الطلاب طاف محرر الوكالة، وطالع آلاف الطلاب من مختلف الفئات العمرية والتعليمية (أساسية، ثانوية)، يتلقون تعليمهم على أيدي نحو 400معلم ومعلمة، وعدد من المتطوعين الذين يساهمون في تدعيم العمل التعليمي، ورغم التعقيدات التي تواجه الجميع إلا أن الإصرار لدى الطلبة ومعلميهم تغلب على كل الإشكاليات هذه.

ومن بين المنازل التي أتيحت لهذه المهمة، منزل الإستاد محمد أمين مدير مدرسة النهضة بمدينة حيس، والذي يستضيف طلاب الابتدائية في أجزاء من منزله، بينما ترك الجزء الآخر لسكن عائلته، وهو يؤكد أنهم "مستمرون في تدريس الطلاب مهما كان القصف الحوثي ومهما كانت المعوقات ومهما كانت الصعوبات".

 

وتشمل هذه التجربة حالياً طلاب وطالبات سبع مدارس تقع في مركز المدينة من ضمنها (النهضة، حفصة، الثورة، القعقاع، أبو القاسم، خولة بنت الأزور)، والتي تعرضت للدمار ولحقت بها أضرار متفاوتة جراء الاستهداف المتعمد بقذائف السلاح الثقيل لمليشيات الحوثي في فترات سابقة؛ حيث تجري العملية التعليمية في الأماكن البديلة لها وفق النظام المدرسي المعهود وطبقاً للأدوار المعمول بها في هذه المدارس.

 

ويؤكد عبد الجبار باجل وكيل مدرسة خولة بنت الأزور بالقول ‘‘اتخذنا هذه التجربة بعد تبين أن المنازل هي المكان الأفضل والآمن في الوقت الراهن، بالذات مع تعرض المدارس للقصف الحوثي المستمر ما يجعلها أماكن خطيرة على حياة الطلاب في أوقات كهذه‘‘.

 

وشدد ولي أمر طالبتين في المرحلة الأساسية على هذه الفكرة ردا على سؤالنا عن سبب قبوله تدريس ابنتيه في هذه الأماكن البديلة رغم عدم توافر التجهيزات الكافية بها.

 

وأضاف إن سلامة فلذتي كبده هي الأولوية في ترتيب أولوياته حتى وإن كانت البدائل ليست على مستوى مدارسهم المجهزة، لاسيما في أوضاع استثنائية مثل هذه التي نعيشها حيث تكون المدارس عرضة للقصف العشوائي الحوثي.

ويخشى المعلمون في المدينة من أن تجهض هذه التجربة في مهدها، بسبب قلة الإمكانات ونقص الدعم الحكومي سواء بالكتب أو السبورات، لكن خشيتهم هذه تتضاءل أمام عزيمتهم وطموح التلاميذ لاستكمال مشوارهم التعليمي رغم ما تفعله المليشيا الارهابية من جرائم بحق القطاع التعليمي.

 

ولاحظ محرر الوكالة مئات الطلاب الصغار يفترشون الأرض في أماكن مفتوحة للرياح والشمس وقد كانوا يتصببون عرقاً إلا أنهم واصلوا قراءة مقطع نصي كانت المعلمة تعلمهم قراءته بشكل جيد، حيث يبدؤون الحصص باكراً وينتهون من دروسهم اليومية عند الساعة العاشرة حماية لهم من ضربات الشمس.

 

ورغم أن التجربة هذه وليدة المرحلة، إلا أنها أنموذج فريد للإصرار على مواجهة النزعات الحوثية الرامية لتجهيل الجيل ومحو الهوية الثقافية لأبناء المدينة، لمسعى الاستقطاب والتعبئة ومن ثم إحالة هذا الجيل إلى جعبتها الطائفية، لكن هذا الطموح ينهار أمام الإرادة الطلابية العتية.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية