يضع الحاج محسن البعداني يديه على خده بعد أن أسند ظهره إلى جدار بجوار أحد مراكز بيع المواد الغذائية بصنعاء، ويقول لـ "وكالة 2 ديسمبر" :"دخلت لشراء حاجيات رمضان إلا أني لم أقدر على الشراء، وكل ما أملكه 50 ألف ريال استلفتها من أحد الأقارب، وهذا المبلغ الذي كنت أُعول عليه تغطية نصف متطلبات شهر الصوم سيغطي احتياجات أسبوع فقط".

 

يحتاج الحاج البعداني إلى 200 ألف ريال لتغطية احتياجات شهر الصوم من الغذاء، وهو لا يملك أي مصدراً للدخل بعد أن فقد راتبه الذي صادرته ميليشيا الحوثي كغيره من موظفي الدولة.

 

جحيم الأسعار وغياب الراتب هو حديث الشارع بصنعاء، والهم الأكبر الذي يكتوي به المواطن اليمني قبيل شهر رمضان.

 

ميليشيا الحوثي تُعد السبب الأكبر في تردي الأوضاع المعيشية للمواطنين، فهي من تشعل حرباً ضدهم، حيث تستحوذ على موارد الدولة وتسخرها لصالحها، كما قطعت رواتب موظفي الدولة وتفرض الإتاوات غبر القانونية على التجار، وعطلت مختلف سبل الحياة، وتسببت في عزل اليمن عن العالم، وحرمت البلد من النقد الأجنبي، الأمر الذي أدى إلى هبوط العملة الوطنية وارتفاع كُلفة الاستيراد، فضلاً عن ما تقوم به من ممارسات أدت إلى تدهور العملة الوطنية كالمضاربة في أسعار الصرف وممارسة غسيل الأموال.

 

بات المواطن اليمني يعرف تماماً أن ميليشيا الحوثي سبباً في كل ما يحدث، وأنها تسعى إلى تجويعه، حيث باتت كل أفعالها واضحة للعيان، وفي ذلك يقول المواطن حسن راشد لـ"الوكالة": "لقد أفسدت ميليشيا الحوثي حياتنا، وحولتها إلى جحيم، حتى شهر الصوم بطقوسه التي نعرفها قد أفسدته، ولم نستطع تلبية احتياجات هذا الشهر من الغذاء، لأن الجسم بحاجة إلى التغذية السليمة ليتمكن من الصوم والاستفادة من مزاياه الصحية".

 

ارتفاع الأسعار بصورة جنونية يحول دون قدرة السواد الأعظم من اليمنيين على توفير متطلبات شهر رمضان، ويقول المواطن عبدالقادر الخولاني إن السنوات الأخيرة لم تعد الموائد الرمضانية للكثير من الأسر اليمنية تزخر بأصناف الطعام الذي تتفنن هذه الأسر بصناعتها خلال ليالي الصوم، ويضيف لـ"الوكالة": "يبدو أننا هذا العام سنصوم ليلاً ونهاراً، لأننا لا نملك المال لشراء الغذاء المطلوب، والأسعار مرتفعة جداً".

 

ويشير الخولاني إلى أن شهر رمضان بالنسبة له يزيد فيه الاستهلاك ويحتاج إلى 300 ألف ريال على الأقل لتغطية هذه الاحتياجات فب ظل الأسعار المرتفعة.

 

من جانبه محمد الريمي-تاجر جملة- يقول لـ"وكالة 2 ديسمبر" إن هناك ركوداً غير مسبوقاً وكانت السوق تشهد حركة كبيرة منذ مطلع شهر رجب، والآن أصبح رمضان على الأبواب إلا أن موسم التسوق ضعيف جداً.

 

ويشير الريمي إلى أن الأسعار ارتفعت بنسب تتراوح ما بين 200 إلى 400% فيما يخص المواد الغذائية مقارنة بنهاية العام 2014، أي قبل انقلاب ميليشيا الحوثي على الدولة، ويبين الريمي أن هناك سلع لا يأتِ عليها الطلب إلا في رمضان، لكنها الآن ما تزال مكدسة نتيجة ارتفاع أسعارها وضعف القوة الشرائية للمواطن.

 

ويؤكد الريمي أن ميليشيا الحوثي تسببت في ارتفاع الأسعار نتيجة ممارسات الابتزاز غير القانونية التي تمارسها في حق التجار والمستوردين بصورة يومية فضلاً عن أخذها ضرائب وجمارك أكثر من مرة، وهذه مشكلة يشكو منها مختلف التجار حتى تجار البيع المباشر للمستهلك (التجزئة).

 

بدوره حمدي الوصابي -تاجر تجزئة- يقول لـ"وكالة 2 ديسمبر": "في كل يوم يأتي إليّ أشخاص ويطلبون مني إتاوات غير قانونية، ويحاولون إثارة المشاكل وأضطر إلى إعطائهم أي مبلغ، وبعدها رفضت أن أعطيهم أي شيء وسبق أن دفعت ثلاثة الآلاف ريال لصحة البيئة وجاء شخص يريد مني فلوس بحجة التفتيش على البضائع وأعطيته السند الرسمي الذي بتاريخ اليوم الأول لكنه مُصّر على أن أسدده نفس المبلغ، وبعد خلاف وشجار طلب مني أن أحضر معه ورفضت، ثم وجه كلام الاتهام لي بأني داعشي كوني صاحب لحية".

 

تهمٌ جاهزةُ تطلقها ميليشيا الحوثي على كل شخص يرفض الانصياع لممارساتها غير القانونية أو من ينتفد أفعالها، وتسعى إلى أن تبرر لأعمالها التعسفية بتهمها التي تحاول أيضاً من خلالها إذلال الناس وإخضاعهم بالقوة.

 

تقوم ميليشيا الحوثي بفرض ضرائب وبمسميات مختلفة إلى جانب ما تسميه المجهود الحربي، وجميعها مخالفة للقانون.

 

وتؤكد التقارير المحلية والدولية الخاصة بمصادر تمويل الميليشيات أن ميليشيا الحوثي تفرض دفع جمارك على السلع في محافظة ذمار وفي مختلف المنافذ الأخرى إلى العاصمة صنعاء، وهذه لا تملك أي مسوغ قانوني، خاصة أن هذه الجمارك قد تم دفعها في المنافذ الرسمية البرية والبحرية، ولا تقتصر عملية الابتزاز على ذلك بل يتم فرص مبالغ مالية في مختلف نقاط التفتيش في الطرق التي تربط بين المدن اليمنية.

 

وفي ذات السياق يقول أحد التجار لـ"الوكالة" إن هذه الممارسات غير القانونية لها تأثيرها على العملية التجارية ويدفع الوطن والمواطن فاتورة هذه الممارسات، كما أنها أجبرت الكثير من الشركات التجارية إلى إيقاف أنشطتها وتسريح موظفيها، الأمر الذي يزيد من مفاقمة الأزمة الاقتصادية وزيادة أرقام إضافية إلى صفوف العاطلين عن العمل.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية