المشهد اليمني ينزف بشدة، ولم يعد يسر عدوا ولا صديقا، ويزداد الشارع إحباطا عندما تقف القوى الوطنية موقف المتفرج وتترك بعض الأطراف تعبث ببلادنا وبحاضر ومستقبل الأجيال، وكل يوم يبحثون للشعب عن عدو.. وأثبتت الأيام انهم يجيدون صناعة الأعداء فقط، وخوض معارك يكسبون فيها المغانم مقابل الحاق المزيد من الكوارث بالشعب..


ووسط هذا الواقع المؤلم جاءت كلمة العميد طارق صالح قائد المقاومة الوطنية التي القاها بالأمس من داخل متاريس العزة والكرامة ومن بين المقاتلين الابطال في الساحل الغربي ، كلمة لها وقع أخر في وجدان الجماهير ، وسيغضب منها المتمصلحون فقط ، لأنه حدد فيها مواقف وطنية شجاعة إزاء كل ما يحدث في الساحة الوطنية، ولم تأت هذه المواقف للمزايدة السياسية، او لنيل رضا هذا او ذاك، بل انها تعبر عن حرص وطني مسؤول وتحمل رؤية مستقبلة ناضجة للخروج من هذه المتاهات وانقاذ البلاد من سياسات الفشل التي تتوالى عليها، ونكتفي هنا بالإشارة لقضيتين في محور كلمته ..


لقد اطلق قائد المقاومة الوطنية دعوة الى اجراء إصلاحات حقيقية داخل الشرعية، وهي دعوة وطنية حكيمة وعقلانية، جاءت في لحظات صعبة يمر بها الوطن والشعب، وتمثل خيارا لا مفر منه لإنقاذ البلاد من هذه الصراعات المتعددة.. صحيح الدعوة لاتروق للمستفيدين من الشرعية على حساب الوطن ، لكن عليهم ان يتقبلوها واي إصرار او مكابرة على بقاء الشرعية بهذه التركيبة ، فذلك لم يعد ممكنا وسيهدد اليمن بمزيد من الصراعات..


الفرصة متاحة امام الشرعية لإجراء إصلاحات لتجسيد (شرعيتها) بالمفاهيم المعروفة، خصوصا وقد حرص طارق صالح في دعوته( اصلاح الشرعية ) على وحدة الصف الوطني، وان يكون الجميع على قلب رجل واحد، بلغة الكبار، ولم يقل باسقاط الشرعية او رحيلها..
ان على (الشرعية) ان تستوعب أهمية هذه الدعوة وابعادها ومراميها الوطنية الصادقة في ظل المتغيرات على الأرض وان تعمل على استيعاب كل القوى الوطنية الفاعلة في الساحة.


وثمة مطلب وطني اخرطرحه قائد المقاومة الوطنية ، ويتمثل بوقف الانجرار لخوض معارك (تحرير المحرر) سواء في تعز او المحافظات الجنوبية .. نظرة سديدة ، وتشخيص وطني لجوهر الصراع وكشف أسباب تاخر حسم معركة شعبنا مع الحوثي ..


المفترض ان امكانيات الدولة البشرية والمادية لاتهدر في معارك بينية بالمناطق المحررة، بل يجب ان تسخر من اجل انتصار شعبنا في معركته ضد مليشيات الحوثي الكهنوتية وليس غير ذلك. فاستمرار هذه الحال يعني السقوط في مستنقع الصراعات التي تخدم الحوثي والاجندة الإيرانية، ولذلك لابد من معالجات سريعة للأحداث في المحافظات الجنوبية وكذلك في تعز..


الطبيعي هو ان يكون قرار الشرعية معبرا عن مصلحة وطنية، وان يتم التعامل مع الصراعات المحتدمة في هذا الإطار، خصوصا وانه يطغى عليها الطابع الحزبي والمناطقي، وجر الشرعية الى صراعات كهذه من الأخطاء الجسيمة التي ستقود الى كوارث وطنية..


لقد وضع طارق صالح النقاط على الحروف من قلب وطني صادق، فليكن الجميع عند حجم المسؤولية الوطنية التي يستشعرها من داخل خنادق المواجهات التي اوصلتنا اليها ترهات الساحات.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية