تضخم مفرط، وانهيار في النمو الاقتصادي، وتوقف شبه تام للتجارة الخارجية، وتراجع ملموس للقوة الشرائية للشعب، هذه هي حصيلة الأزمة الاقتصادية التي واجهتها إيران خلال عام 2019.
 
ويأتي هذا الانهيار الاقتصادي بعد إعادة الولايات المتحدة فرض حزمة أولى عقوبات على طهران منذ مايو 2018، وتبعتها حزمة أقسى في نوفمبر من العام ذاته وتبعتها أخرى في مايو 2019.
 
وتشمل العقوبات الأميركية التي فرضت العام الماضي في إطار نزاع تركز على برنامج إيران النووي، حظرا ضد قطاع النفط الذي تهدف واشنطن إلى خفض مبيعاته للصفر في إطار حملتها لممارسة "أقصى الضغوط" على طهران.
 
النفط
استهدفت العقوبات الأميركية بشكل أساس صادرات النفط الإيرانية، وتشير الأرقام النهائية لتصدير النفط لشهر يوليو الماضي على سبيل المثال إلى انخفاض الصادرات الإيرانية، إلى أقل من 400 ألف برميل يوميا.
 
وتقول شركة "Kpler"، المتخصصة بتتبع شحنات النفط في جميع أنحاء العالم، إن طهران باتت "تكافح من أجل العثور على مشترين" لنفطها، وخاصة بعد أن أنهت الولايات المتحدة إعفاءاتها من العقوبات لبعض عملاء النفط الإيرانيين في بداية شهر مايو الماضي.
 
وتظهر إحصاءات رسمية صادرة من شركاء نفطيين رئيسيين لإيران، انخفاضا كبيرا في حجم الواردات الايرانية بما فيها النفطية، وخاصة الهند، التي انخفضت وارداتها من إيران في شهر أغسطس الماضي إلى الصفر تقريبا.
 
وتشير هذه الإحصاءات إلى أن إجمالي صادرات إيران (بما في ذلك النفط والغاز) إلى هذا البلد في الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام بلغ نحو 2.9 مليار دولار، بانخفاض 43 في المائة عن نفس الفترة من العام الماضي. ويرجع السبب في ذلك إلى الانخفاض الكبير في صادرات النفط الإيراني إلى تركيا.
 
كما انخفضت صادرات إيران إلى تركيا التي لم تستورد أي شحنات نفطية تقريبا من إيران خلال شهري يونيو ويوليو الماضيين، فيما تراجعت هذه الصادرات خلال الأشهر السبعة الأولى من 2019 بنسبة 54 في المئة، وفقا لمركز الإحصاء التركي.
 
ويؤكد صندوق النقد الدولي أن صادرات إيران من النفط الخام تراجعت بنسبة 72 في المئة هذا العام إلى أقل من 600 ألف برميل يوميا مقارنة مع العام 2016، وهو العام الذي أعقب توقيع الاتفاق حول النووي الإيراني ورفع العقوبات.
 
وتعتمد إيران، التي تمتلك رابع أكبر احتياطي للنفط وثاني أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي عالميا، بشكل رئيسي على النفط في الموازنة العامة للبلاد.
 
وفي تقريره الأخير، الصادر في 28 أكتوبر الماضي يشير صندوق النقد الدولي إلى أن إيران يجب أن تكون قادرة على بيع النفط بسعر 194 دولارا للبرميل، لضبط ميزانيتها للعام المقبل.
 
صناعة السيارات
تظهر أحدث الإحصاءات، حول أداء شركات صناعة السيارات الإيرانية، أن إنتاج السيارات والشاحنات الصغيرة والحافلات انخفض بشكل حاد في الأشهر الثماني الأولى من عام 2019 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2018.
 
وانخفض عدد سيارات الركاب المنتجة في إيران من 71 ألفا في أبريل من العام الماضي، إلى 41 ألفا في أبريل هذا العام.
 
وفي شهر مايو من العام الماضي، تم إنتاج 131 ألف سيارة ركاب في إيران، لكن هذا العدد هبط إلى 80 ألف سيارة في شهر مايو الماضي.
 
ووفقًا لإدارة الدراسات الاقتصادية في غرفة تجارة طهران فقد انخفض إنتاج السيارات في أغسطس من هذا العام بنسبة 48 في المائة، مقارنة بشهر أغسطس من العام الماضي.
 
ويعزو مراقبون انخفاض إنتاج السيارات في إيران بشكل أساسي إلى سياسة الضغوط القصوى التي تمارسها واشنطن ضد طهران، وهو ما يعوق عملية استيراد قطع الغيار الضرورية لصناعة السيارات، بالإضافة إلى تراجع القوة الشرائية للإيرانيين نتيجة الأزمات الاقتصادية المتتابعة التي يعاني منها البلد.
 
تضخم اقتصادي وانهيار للعملة
بعد مرور أكثر من على فرض العقوبات، انخفضت قيمة العملة الإيرانية بشدة وبلغ معدل التضخم أكثر من 40 في المئة، فيما يتوقع صندوق النقد الدولي انكماش الاقتصاد الإيراني بنسبة تسعة بالمئة في العام 2019 ويعقبه ركود في العام 2020.
 
وانخفضت قيمة التومان الإيراني مقارنة بالدولار منذ مايو 2018 بنسبة 57 في المئة، ما أنتج ارتفاعا حادا في أرقام التضخم.
 
وبلغ سعر الدولار الأميركي في ديسمبر 2019، أكثر من 12 ألف تومان، مقارنة بـ4800 تومان في أبريل 2018، و3700 في أبريل 2017.
 
وأثرت هذه الزيادات على أسعار المواد الغذائية والسلع في إيران، وفي بعض محلات العاصمة، بات من الصعب العثور على اللحوم الحمراء، كما أصبح الفستق الذي يحضر عموما على كل طاولات الأفراح، بمثابة ترف غير متاح بالنسبة إلى كثيرين.
 
وارتفعت أسعار أنواع الفواكه والخضراوات في مايو الماضي بنسبة 112 إلى 136 في المئة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وتضاعفت أسعار المنازل في العاصمة منذ مارس 2018 بحسب المصرف المركزي الإيراني، وتراجعت أيضاً فرص التوظيف كما أصبحت أسعار السيارات المستوردة بعيدة عن متناول الكثيرين.
 
ويلخص الباحث في الشركة الاستشارية الأميركية "أوراسيا غروب" هنري روم، الوضع الاقتصادي في إيران بأنّه سيء ويتجه نحو "المزيد من السوء".
 
المصدر: الحرة

 

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية