لم يطُل الوقت كثيراً ليختفي الوجه الحقيقي لقطر، المختفي منذ زمن وراء ستار القومية العربية الزائف، ذاك الذي ظلت الدوحة تتوشح به وهي في ذات الوقت تمارس دوراً معاكساً لإثارة الفوضى في البلدان العربية، خاصة في اليمن، البلد الذي تحاول قطر مراراً أن تفرغ فيه كل حقدها نكاية بدول الخليج التي قررت قطع تعاملها معها بعد اتضاح التحالف السري بين النظام القطري ونظام إيران المُصدر للإرهاب، وارتباط القيادة القطرية بصلات سرية وطيدة مع المليشيات الحوثية باليمن.

 

وكان الإعلان الصريح والواضح من قبل نظام الدوحة عن التفاهم المشترك بين الرئيس الإيراني حسن روحاني، والأمير تميم بن حمد، يكشف بجلاء كيف أصبح الاثنان (النظام القطري والنظام الإيراني) يعزفان على وترٍ واحد فيما يخص الوضع في اليمن، فبينما تواصل إيران دعم مليشياتها في اليمن لوجستياً وعسكرياً عبر تهريب السلاح وإرسال الخبراء العسكريين عبر ميناء الحديدة، تستمر قطر في تقديم كامل الدعم الإعلامي وآلتها الإعلامية لدعم المليشيات الحوثية في اليمن، إلى درجة أن بات الإعلام القطري لا يختلف في المضمون الذي يقدمه عما تقدمه وسائل إعلام المليشيات الحوثية، وبروز تناغم مشترك في "رتم" التفاعل الإعلامي بين الجانبين.

 

باكراً كان إدراك التحالف العربي ودول الخليج لحجم المؤامرة التي تحيكها قطر على المنطقة العربية من ناحية، وعلى دور التحالف العربي في اليمن من ناحية أخرى، وكان استبعاد جنود القوات القطرية المشاركين في التحالف من قبل قيادة التحالف قد أدى إلى انفراط العقد الذي راحت الدوحة منذ فترة تصنعه لتطويق اليمن وجيرانها بالخطر الإيراني، تمهيداً لتصدر المشهد وإعلان التحالف المشترك مع إيران أمام الملأ.

 

ما يؤكد حتمية هذه الحقيقة في التفاهم المشترك بين قطر وإيران والتي تصب في أغلبها لتعكير الأجواء في اليمن وتفريخ الإرهاب في البلدان العربية، وكذا توطين الخراب في دول الجوار، وفتح شهية المليشيات الحوثية في الاستمرار بالحرب وعدم الانصياع لأي حلٍ سياسي يفضي لإنهاء القتال ورفع واقع الحرب الذي يعيشه اليمنيون، ظهر حينما أعلن تميم بن حمد أنه ‘‘يشرف شخصياً على توطيد العلاقات مع إيران‘‘، ليكسر كل التكهنات التي كانت ما تزال تؤمل بعودة الأمور إلى نصابها وإعلان الدوحة الخروج عن دعم مشروع إيران التوسعي.

 

والمتابع للموقف الحوثي مؤخراً، يكتشف كيف أصبح الانقلابيون في اليمن يتطلعون إلى بناء صداقة جذرية مع الدوحة، ذاك الحُلم لم يكن خيالياً بل أقرب إلى الحقيقة، فمصادر مطلعة أكدت وجود "تواصل حثيث بين قيادات المليشيات الحوثية ومسئولين قطريين" لترويض العلاقة بين الجانبين وبناء تفاهمات مشتركة، وما يؤيد ذلك أيضاً السياسة الإعلامية الجديدة التي انتهجتها وسائل إعلام قطر في توصيف المليشيات الحوثية.

 

الشهر الماضي سُربت وثيقة صادرة عن وزارة دفاع المليشيات الحوثية بصنعاء، كشفت عن مبالغ مالية كبيرة مُرسلة من قطر مباشرةَ، ووزعت تباعاً على مقاتلي المليشيات الحوثية في جبهات القتال بحسب الوثيقة، الأمر الذي لا يدع مجالاً للشك في الدور القطري باليمن المشابه تماماً لدور إيران في دعم مليشيات الكهنوت الحوثية، وهذا الدعم يشكل امتداد للدعم السخي الذي قدمه نظام الدوحة للمليشيات الحوثية حتى أثناء ما كانت قطر تعمل ضمن التحالف العربي.

 

وكانت وسائل إعلام محلية وصحافيون كباراً، أفادوا أمس الماضي أن قطر "ترسل مبالغ مالية عبر وسيط يتواجد في الدوحة لتسهيل إرسال هذه المبالغ إلى صنعاء عبر شركات مالية ومصرفية تتسلمها قيادات المليشيات الحوثية في العاصمة صنعاء". مشيرةً إلى أن قطر "تقدم دعماً لا محدوداً ودائماً للمليشيات بطرقٍ سرية، وتحث الانقلابيين باستمرار على أذية دول الجوار".

 

وكان دبلوماسيون أكدوا أن الدوحة استأجرت ناشطين وقانونيين وسياسيين يمنين وأجانب تعمل على إرسالهم إلى المنظمات الحقوقية والدولية لتقديم المليشيات الحوثية بـ "وجهٍ حسن". مزيدةً أن قطر تنفق مبالغ كبيرة مقابل الحصول على دعمٍ سياسي لمليشيات إيران في اليمن، إذ بدا ذلك واضحاً من خلال الناشطين اليمنيين الموالين لقطر والذين انحازوا مؤخراً عن القضية اليمنية وبدأوا يشقون طريقهم على مقربة من مشروع المليشيات الكهنوتية.

 

وتفيد المعلومات بتقديم النظام القطري رسائل دائمة إلى الجهات الخارجية ذات الصلة بالملف اليمني، تعمل عبرها على مشاركة الملف اليمني بطريقة مزورة وداعمة للمليشيات الحوثية، ومثلها إيران التي تستخدم كل نفوذها السياسي والدبلوماسي لنفس الهدف.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية