نشرت صحيفة ذي إندبندنت البريطانية مقال رأي لوزير الدولة السابق لشؤون أوروبا في الخارجية البريطانية، دنيس ماكشين، ينتقد فيها الاستفزازات الإقليمية والسياسة التي تنتهجها حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مستعرضا توقعاته لمخرجات قمة قادة الاتحاد الأوروبي، التي من المقرر عقدها في وقت لاحق هذا الأسبوع، لبحث الرد على تلك الاستفزازات.
 
ويصف ماكشين في مقاله تركيا بأنها "أكبر تهديد لأوروبا - من حيث القوة الأجنبية التي تهدد أراضي الاتحاد الأوروبي والتي تهدد أيضا كل القيم التي تسعى أوروبا إلى إظهارها."
 
ويضيف: "تحدث الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند في أثينا الأسبوع الماضي عن مخاوفه بشأن تركيا. وبالنسبة لهولاند، فإن رجب طيب أردوغان، المعروف الآن في الأوساط الدبلوماسية باسم "السلطان"، يشكل تهديدًا لأوروبا. فهو من قاد تركيا إلى الخراب الاقتصادي، وهو الآن يقرع طبول القومية، ويدعو لاستعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية، من أجل صرف انتباه العوام عن المشاكل الاقتصادية المتزايدة في تركيا."
 
ويشير ماكشين إلى أن لائحة اتهام هولاند تضمنت عدة ملفات ضد أردوغان؛ فالأخير يسعى إلى عسكرة شرق المتوسط، كما أنه قام بانتهاك التزامات الناتو بشراء صواريخ روسية، وسجن مئات الصحفيين والمعارضين السياسيين. وأردوغان أيضا مهووس بالإسلاموية، ويروج لها في أوروبا، وقام بتحويل اثنتين من أرقى الكاتدرائيات المسيحية البيزنطية في إسطنبول إلى مساجد؛ وتدخل بشكل صارخ في سياسات الدول الأوروبية بما في ذلك فرنسا وألمانيا، حيث يعقد تجمعات سياسية ضخمة ويصر على أن مواطني الاتحاد الأوروبي الأتراك مدينون بالولاء لتركيا فقط؛ وبالإضافة إلى ذلك فإن مغامراته في سوريا وحربه على الأكراد خطرة، كما أن تدخله في ليبيا هو عمل من أعمال العدوان.
 
ويلفت ماكشين في مقاله إلى أن مواقف هولاند إزاء تركيا توافق هوى الوزراء اليونانيين الذين حضروا لقاءات الرئيس الفرنسي السابق. إلا أن وزير الخارجية اليوناني، نيكوس ديندياس، يصر على أن اليونان تريد العمل مع أردوغان، لكن بعد رفع التهديد التركي عن الجزر اليونانية.
 
ويوم الثلاثاء، عقدت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، تشارلز ميشيل، وأردوغان اجتماعا عبر الفيديو قبيل اجتماع المجلس الأوروبي المقرر عقده في وقت لاحق من هذا الأسبوع، وتركزت المباحثات حول المسألة اليونانية.
 
ونوه الوزير البريطاني السابق في مقاله بأن اليونان وقبرص تسعيان إلى الحصول على مزيد من الدعم من الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن بريطانيا، برئيس وزرائها الموالي لتركيا، لم تعد لاعباً رئيسيا في الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي خيب آمال البريطانيين ممن يتعاطفون مع اليونان وحضارتها وشعبها.
 
ويشير الكاتب إلى أن المشكلة الرئيسية لليونان هي رفض ألمانيا اتخاذ موقف واضح. فخلال كلمته التي تلت خطاب هولاند، تبنى زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي السابق، سيغمار غابرييل، الذي شغل منصب وزير الخارجية الألماني من 2017 إلى 2018، موقفًا مغايرا تماما. فقد أكد غابرييل على أنه إذا تم فرض عقوبات على تركيا بسبب شرائها صواريخ دفاع جوي روسية من طراز S-400، وتم إجبارها على مغادرة الناتو بسبب انتهاكها لالتزامات حلف شمال الأطلسي، فستصبح تركيا قوة نووية على الفور.
 
وأضاف غابرييل أنه إذا أظهر الاتحاد الأوروبي تضامنه مع اليونان واتخذ أي إجراءات ضد أردوغان، فسيتعين على أوروبا بناء جدران جديدة على جميع حدودها بما في ذلك الحدود الداخلية في دول مثل المجر، حيث سيرسل أردوغان مليونا أو أكثر من اللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي.
 
وبالنسبة لغابرييل، كانت المشكلة الرئيسية هي أن الولايات المتحدة لم تكن مستعدة لفرض عقوبات على تركيا، ونظراً لنفوذ الولايات المتحدة على الناتو، فلن يكون هناك خط واضح بشأن المواقف تجاه عسكرة تركيا لشرقي المتوسط. كما أن غابرييل أيضا يوصي بأن الرد على الاستفزازات التركية هو "الصبر الاستراتيجي" الذي يجب أن يكون أيضًا السياسة تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتن حتى بعد محاولة اغتيال المعارض الروسي أليكسي نافالني.
 
ويقتبس الكاتب من غابرييل سخريته في القول: "إذا كانت السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي نباتية الآن، فإن السياسة الخارجية الألمانية أكثر نباتية".
 
وفي مقابلة مع الصحيفة اليونانية الرئيسية كاثيميرين، قالت مديرة المجلس الألماني للعلاقات الخارجية، دانييلا شوارزر، والمستشارة الخاصة لوزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إن المقترحات بممارسة الضغوط أو فرض العقوبات على أردوغان "معقدة من عدة جوانب: فيما إذا كان ينبغي فرضها، وإلى أي مدى سيتم فرضها، وبأي شروط - وبأي ضوابط ينبغي رفعها". وأضافت: "لم نصل بعد إلى مرحلة العقوبات الواسعة والعميقة".
 
ويقول ماكشين في مقاله، إن هذا هو بالضبط النهج النباتي في السياسة الخارجية القادمة من برلين وبروكسل، وحتى في العديد من عواصم الاتحاد الأوروبي، حيث يعتبر النزاع بين اليونان وتركيا معقدًا وغامضًا ويكتنفه الضبابية.
 
ويختتم الوزير البريطاني السابق في مقاله بتساؤل فيما إذا سيترك النباتيون في السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي آكل اللحوم أردوغان يجتزئ أي قطعة من بحر إيجة؟

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية