إعادة رسم خارطة سياسية لمنطقة الشرق الأوسط، تسير اليوم بشكل أكثر وضوحا، بعد تلك الزلازل التي أنهكت شعوب المنطقة وأضعفت دولها وباتت مهددة بالانهيار والسقوط.
 
سيكون عام 2020 م محطة فاصلة في تاريخ المنطقة العربية والتي تشهد متغيرات متسارعة، ونشاهد سقوطا للمشروع العربي القومي نتيجة تصدير الثورة الخمينية إلى دول المنطقة والتي فجرت دول الأمة العربية بصراعات مدمرة من الداخل، تعد أشد خطرا وتدميرا للدولة الوطنية من أي عدو خارجي بمواجهات مباشرة.
 
نعترف أن الدول الغربية لم تصنع من إيران عدوا للعرب بدلا عن إسرائيل، بل إن إيران ومنذ قيام الثورة الخمينية عام 1979م أثبتت أنها فعلا العدو الأخطر على المنطقة، فخلال أربعة عقود من تدخلاتها العدائية أصبحت دول كالعراق وسوريا واليمن ولبنان أنقاضا، وأخرى مهددة بالانهيار من الداخل بصراعات طائفية ومذهبية يديرها الحرس الثوري الإيراني.
 
إننا نعيش لحظات انتكاس المشروع العربي ومعه أيضا المؤامرة الإيرانية لرسم خارطة فارسية للمنطقة عبر تصدير الثورة والسيطرة على منابع النفط والغاز والمقدسات الدينية – مكة المكرمة والمدينة المنورة - والمضائق البحرية، وهي مؤامرة نسفت بإرادة وطنية ودولية.
 
ولقد تمخض عن هذه الفوضى ذهاب العديد من دول المنطقة لتوقيع اتفاقيات سلام مع إسرائيل، وبات الحديث عن شرق أوسط جديد يبدو واقعا، ولكنه للأسف يتشكل دون ندية، طالما ونحن في وضع الأضعف.
 
ما يهمنا نحن في اليمن هو أن الوضع في بلادنا يزداد تعقيدا، فإيران التي استسلمت وخضعت أمام التحرك الفرنسي والأمريكي في لبنان، نجدها ترمي بثقلها إلى اليمن، وتعلن بتحدٍ، منتصف أكتوبر، وصول سفيرها حسين إيرلو للعاصمة صنعاء ومنحه صلاحيات مطلقة، وهي رسالة تهديد واضحة أطلقتها الخارجية الإيرانية في محاولة للضغط بمقايضة تسليمها لبنان مقابل إحكام قبضتها على اليمن.
 
وعلى الفور جاء الرد الأمريكي شديدا على التحرك الإيراني وحمل تهديدا واضحا ودعوة صريحة للشعب اليمني بأن يقول :( لا ..إيرلو.. لا..إيران ) وهي رسالة تؤشر لمواجهات أشد، وهكذا تعطي إيران للغرب مبررات للتدخل بشؤون دول المنطقة.
 
إن أول تصعيد لإيران في صنعاء يتضح بتلك التحشيدات الإجبارية للمواطنين للمشاركة بفعالية الاحتفال بالمولد النبوي التي تقوم بها ميليشيا الحوثي وخبراء إيرانيون ومن حزب الله، وتسعى إيران من خلالها إلى إبراز عضلاتها وإيصال رسائل مفادها، أنها تمتلك شعبية في صنعاء على عكس الشارع اللبناني، وتزامن هذا التحشيد مع شن الميليشيا لأكبر هجوم على مأرب والجوف. 
 
كل المؤشرات تؤكد أن إيران لن تسمح بتحقيق السلام في اليمن ولن تجد مبادرة المبعوث الدولي الأخيرة تجاوبا من قبل الميليشيا، فخسارة إيران في الهلال الشيعي لن يمر بدون ثمن.
 ولهذا تجر اليمن إلى أتون حرب أكثر وحشية، بالرغم أن بإمكانها أن تستفيد من فشلها في لبنان، بعدم تكراره في اليمن حفاظا على محور المقاومة المزعوم. 
 
لقد خسرت إيران كثيرا ولن يكون لها أي دور في رسم مستقبل المنطقة مثلما لن يكون هناك دور لتركيا، فتجربة الاحتلال الإيراني والتركي تعد الأبشع على الإطلاق.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية