في قلب الحاج "عبده مسبح" جرحٌ غائر يأبى الاندمال، على عينيه يتوهج الحزن والألم، وتتصبب الدموع ملء أحداقه وجفنيه وخديه، ولم يعد بوسع كفه السمراء تجفيف العبرات تلك، التي تنهال منه كلما تذكر ابنه عبدالله، فلذة كبده الذي قتله الحوثيون.
 
إلى قرية "البقعة" حيث يقيم الحاج مسبح، توجه فريق من وكالة "2ديسمبر" للقائه والاستماع إليه، لوحظ الحاج الذي شاب رأسه وتجعد وجهه من كمد الحياة، وهو يرفع كفيه إلى السماء ولا يكادُ صوته يسمع بوضوح إلى البعيد، عند الاقتراب منه سُمع يدعو على الحوثيين "اللهم مزقهم كل ممزق".
 
لا تهدأ هذه الدعوات التي يطلقها مظلومٌ يفتح ذراعيه ويرفع وجهه نحو السماء واثقًا بعدالة خالقه. يقول مسبح للفريق إنه "مظلوم" وإن الحوثيين قتلوا نجله عبدالله ظلمًا وعدوانا في مساء رمضاني لم يذق فيه مسبح تمرة أو شربة ماء عندما وصله خبر استشهاد فلذة كبده.
 
لم يكن مسبح بقادر على سرد الحدث بالتفصيل، يغلبه الحزن فيعود ويدعو، غير أن زوجته هي الأخرى التي رسم الحزن بقعا من السواد أسفل عينيها، ذكرت أن ابنها كان ذاهبا لجلب طعام الإفطار في يوم رمضاني فانفجر به لغمٌ أرضي حوثي مع شخصين آخرين. ليعود لاحقا الزوج ويؤكد القصة.
 
توفي عبدالله، أو بالأحرى استشهد، فهو بريء كان يغادر المنزل ليتدبر طعاما لأبويه وأشقائه، فترصده الحوثيون بلغم ليقتلوه، مات الفتى ولم يمت الحزن في صدر والده وأمه، لكنهما مؤمنان أن العدالة ستأخذ مجراها في الأرض أو السماء، اليوم أو غدا.
 
ذات يوم، عاد الحاج مسبح من صلاة الجمعة، ينادي أطفاله في المرعى بأن يعودوا إلى المنزل، وفي الطريق إليهم كانت عبوة ناسفة قد زرعها متسللون حوثيون موضوعة في موطئ قدم، انفجرت بمسبح ولحسن حظه لم يمت.
 
أصيب مسبح بإصابات بالغة أجريت له على إثرها ثلاث عمليات جراحية، لا زال يعاني منها إلى اليوم، ويغمره الألم بالحسرة، إذ ذكر جارًا له انضم للحوثيين فعاد ليقتل أهله وجيرانه قرباً لسيد الكهف.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية