عاشت تونس طيلة عام2020 على وقع صراعات داخلية عنيفة بين مكونات المشهد السياسي، ما أدى إلى تفكك نسيج عدة أحزاب.

 ومع اقتراب 2020 من إسدال ستاره على أيام حُبلى بأحداث مثقلة فاقمها فيروس كورونا، تستعرض "العين الإخبارية" ضمن سلسلة تقارير بعنوان "حصاد العام"، أبرزها الانقسامات التي شقت الصفوف الداخلية لما يسمى في تونس بحزب النهضة. 

فخلال عام 2020 لم يفلح حزب الإخوان في تونس في رأب الصدع واحتواء صراعاته الداخلية رغم المحاولات اليائسة، حيث انكشف للرأي العام في هذا البلد مدى عمق الأزمة داخل هذا التنظيم الإرهابي في معركة تشي بتفتت هذا الحزب.

وأضحت الأمور داخل حركة النهضة الإخوانية منذ أوائل شهر يناير/ كانون الثاني 2020 خارجة عن السيطرة، وطالت موجة الاستقالات القيادات الشبابية بإعلان القياديان في الحركة هشام العريض وزياد بومخلاء، استقالتهما من الحركة، بشكل متزامن، لتضاف هذه الاستقالات إلى أخرى شملت قيادات ذات مواقع متقدمة تنظيمياً على غرار زبير الشهودي وزياد العذاري، خلال نهاية عام 2019.

وبعد كشف تفاصيل أزمة النهضة للعلن، اتضح أن الاستقالات جاءت نتيجة خلافات جديّة وعميقة داخل إدارة الحركة الإخوانية، وهو أمر  أكده القيادي بالحركة علي العريض في تصريحات سابقه كشف مدى عمق أزمة إخوان تونس.

 ووصف الكاتب باسل ترجمان، في تصريحات لـ" العين الإخبارية" التصدع داخل حركة النهضة بـ"الأمر المتوقع والمرتقب منذ سنوات"، مؤكدا أن الاختلافات التي شقت بيت الإخوان سببها تشبث راشد الغنوشي بكرسي الرئاسة.

أما استقالات القيادات الشبابية ففضحت الصراع في رؤى حركة النهضة رغم الادعاءات المزعومة بها بأنها حركة متطوّرة ومتجددّة. 

 وهو ما جاء أيضا على لسان القيادي علي ّالعريض ، حين قال ‘إن ''هشام وزياد من نفس الجيل، جيل النهضة ما قبل الثورة وما بعدها.. ساهما كغيرهما من شباب النهضة في بناء الحزب على مستوى الجامعة التونسية وحتى في هياكل الحركة.. الشباب ليسوا كالكهول فهم يريدون التغيير والتطوّر بسرعة'' .

  واستمر بركان الاستقالات داخل النهضة طيلة سنة 2020، ولم يمض وقت طويل على الاستقالات الشبابية في صفوف الحزب، حتى تبعتها استقالة مدوّية للقيادي البارز عبد الحميد الجلاصي، عضو مجلس شورى حركة النهضة في 3مارس/ آذار 2020، معلنا بذلك نهاية  40 عاما داخل الإخوان ليعلن في نص استقالته أن "النهضة انتهت سياسيا". 

  "الجلاصي" كشف عن دكتاتورية تمارس في الهياكل الداخلية للنهضة، بقوله 'إن الأحزاب التي تسقط في الديكتاتورية وتدير ظهرها للديمقراطية تصبح خطرًا على البلاد، في إشارة منه إلى حركة النهضة.

وتابع قائلا إن من بين الأسباب عدم رضاه على التسيير المؤسساتي للحركة وعن خياراتها السياسية إضافة إلى تموقعها الاجتماعي و الديمقراطي، مؤكدا "أن الديمقراطية بحركة النهضة مهددة" . 

​ وسبق أن قدمت قيادات من الصف الأول للحركة استقالتها احتجاجًا على ما وصفوه بـ"ديكتاتورية الغنوشي". 

ففي سبتمبر / أيلول 2019، قدّم القيادي البارز في الحركة ومدير مكتب "الغنوشي"، زبير الشهودي، استقالته من الحزب، وفي نوفمبر/ تشرين الثاني من نفس العام، استقال "زياد العذاري" القيادي في الحركة الإخوانية.

هذا الذي جعل راشد الغنوشي غير قادر على كبح جماح الكثير من قيادات حركة النهضة، وتوالت موجة الاستقالات داخل الحركة ، إلى أن برز جناحا موازيا داخل الحركة نفسها، يضم شقيّن بين من يدعمون راشد الغنوشي لمواصلة ترؤس الحزب ومن يرفضون ذلك ويتمسكون بانتقال قيادي داخل الحركة.

  ويتمسك راشد الغنوشي بتعديل الفصل 31 من النظام الداخلي لحركة النهضة الإخوانية، والذي يمنعه من تجديد عهدته أكثر من مرتين، ما يعني رغبته في البقاء في زعيما لها.

  ويواجه الغنوشي موجة غضب وانتقادات كبيرة داخل حركة النهضة، وظهرت على السطح أخيرا في شكل عريضة تطالبه بالخروج من موقعه والإعلان عن عدم ترشحه لعهدة جديدة على رأس الحركة . 

  وانتهت هذه الانتقادات باستقالات جديدة من الحركة حيث أعلن القيادي في الحركة عبد الرزاق حسين استقالته التي نشرها على "فيسبوك"، ووجّه فيها اتهامات عدة إلى الغنوشي، تتعلّق بـ"التفرّد في القرار داخل الحركة، وتضخّم الأنا والتوريث".

كما لم يسلم أيضا العنصر النسائي من موجة الاستقالات المتتالية حيث أعلنت آمنة الدريدي، عضو بمجلس شورى حركة النهضة، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، استقالتها من الحركة مؤكدة أنها ستحتفظ بأسبابها لنفسها. 

وشملت موجة الاستقالات خلال العام الذى أوشك على الانتهاء، القيادية بشباب حركة النهضة "جوهرة التيس" التي أعلنت استقالتها هي الأخرى في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي،  “احتجاجا على تفرد رئيسها راشد الغنوشي بالرأي". 

وكشفت التيس في تدوينة على "الفيسبوك" عن منحى الديكتاتوري اتخذه الحزب بقولها “كنت أظن أني أخدم وطني من خلال حركة سياسية تحمل مشروع إصلاح وطني ذي أفق حضاري قوامه المواءمة بين الإسلام والديمقراطية، لكن وجت نفسي في مشروع يراد أن يكون لصالح شخص واحد وحيد مختزل في إرادة الزعيم ومرتهن لمستقبل الزعيم.” 

ويرى مراقبون أن الاستقالات في النهضة ليست بالجديدة وكونها مرحلة أولى من مراحل تفتت الحزب الإخواني الذي استبدت به الخيارات الأيديولوجية التي يفرضها زعيمه الغنوشي.

 

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية