السيطرة المركزية لمليشيا الحوثي على أداء منظمات العمل الإغاثي والإنساني أحبطت كثيرا من المشاريع والبرامج الإنسانية للمنظمات الدولية.
 
وكانت المليشيا أسست ما يسمى بالمجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي "سكمشا يمن - SCMCHA YEMEN"، بهدف الإشراف المركزي والتحكم المباشر بكل ما يخص عمل المنظمات. 
 
يقول عامل في إحدى المنظمات معلقا على عمل المجلس: لا يمكن لأي منظمة محلية ممارسة نشاطها دون أخذ تصاريح عمل من المجلس الأعلى، وتنفيذ كل المشاريع بإشراف مركزي من أعضاء يتبعون هذا المجلس، ويتم ورفع كل التقارير أولاً بأول إليه.
 
ويشير إلى أن المجلس يتحكم بكل تفاصيل عمل المنظمات قائلا: يجبر المجلس الأعلى المنظمات على إرسال الإحصائيات والتقارير وجميع المعلومات والبيانات وملفات المشاريع، وربط نظام المنظمات بالمجلس الأعلى، وتحميل جميع نسخ المشاريع المنفذة.
 
ويضيف أن المجلس الحوثي يقوم بمتابعة التوريدات النقدية للمنظمات "وإيقاف المنظمات التي تخالف شروطهم الموضوعة بحجة حصولها على مبالغ مالية وتنفيذها لمشاريع وهمية". 
 
 
ابتزاز ونهب
 
سعت مليشيا الحوثي إلى تضييق الخناق على المنظمات للتحكم التام بعملها، ونهب الأموال والمساعدات المقدمة للمواطنين الذين هم على هاوية المجاعة في مناطق سيطرة الانقلابيين.
 
وقالت مصادر طبية بصنعاء إن عدداً من المنظمات الأممية انسحبت مؤخراً من تقديم الدعم للقطاع الصحي في مناطق سيطرة المليشيا.
 
ويقول طبيب يعمل في منظمة ذات صلة إن منظمته تعرضت للابتزاز المالي من قيادات حوثية أثناء تنفيذها مشروعا طبيا في محافظة الحديدة.
 
وتحدث عن صعوبة حصولهم على التصاريح من قبل المليشيا الحوثية لتنفيذ المشاريع، كما أن مدراء مكاتب الصحة في المديريات والمحافظات يلزمون المنظمات الانسانية بدفع رواتب شهرية لهم، وتوظيف أفراد بأسماء وهمية، ودفع رواتب هذه الأسماء لقيادات حوثية، مقابل الحصول على تصاريح تنفيذ مشاريعها. 
 
وأشار إلى أن كافة المنظمات العاملة في اليمن، تقوم بدفع نسبة مخصصة من ميزانية المشاريع الإنسانية لقيادات حوثية، كي تتمكن من تنفيذ مشاريعها.
 
وكشفت "أسوشيتد برس" عن تحقيقات داخلية لمنظمة الصحة العالمية في مزاعم تفيد بأن أشخاصا غير مؤهلين قد تم توظيفهم في وظائف ذات رواتب عالية، وتم إيداع ملايين الدولارات في حسابات مصرفية شخصية للعاملين، وتمت الموافقة على عشرات العقود المشبوهة دون الأوراق المطلوبة وأطنان من الأدوية والوقود المتبرع بهما ذهبت في عداد المفقودين.
 
وأفادت مصادر عاملة في المنظمات الواقعة في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، عن حصول المنظمات الدولية على معلومات وتقارير حديثة تصف حجم النهب والتلاعب الذي تمارسه الميليشيا بالمساعدات والمعونات الإنسانية والطبية المقدمة من قبلها للمواطنين، ما سيدفع المنظمات اضطرارا للانسحاب من تقديم الدعم الإنساني للمواطنين نتيجة هذه الضغوطات التي تمارسها المليشيا.  
 
 
منظمات حوثية
 
وأوقفت مليشيا الحوثي خلال العام الماضي نحو 100منظمة، مبررة أن هذه المنظمات متورطة بنشر أجواء السلام، واستهدافها للشعب اليمني، وخلخلة الجبهة الداخلية. 
 
لم تكن هذه سوى مبررات وهمية لتفريغ ساحة العمل الإنساني من المنظمات المحلية، لتقوم المليشيا بإنشاء منظمات بديلة تابعة لها، واجبار المنظمات الدولية على مشاركة مشاريعها مع المنظمات الحوثية، بغية النهب المباشر لأموال المساعدات الدولية. 
 
ويقول أحد الإداريين في منظمة الصحة العالمية إن المجلس الأعلى الحوثي لتنظيم عمل المنظمات، يقوم بتوجيه أكثر المشاريع لصالح المنظمات والمؤسسات التابعة لهم، ووضع معوقات وصعوبات أمام بقية المنظمات المحلية، "كما وضع المجلس شروطا معقدة لهذه المنظمات المحلية مما أدى إلى إغلاق الكثير منها". 
 
وأضاف: بعد حصول المنظمات والمؤسسات المحلية الخاصة بمليشيا الحوثي على مشاريع كثيرة، تم إيقاف إصدار تصاريح عمل لأي مؤسسات ومنظمات جديدة. 
 
 
تحذيرات أممية
 
وأعلن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة وعدد من المنظمات الدولية، مؤخراً تخفيض المساعدات العينية والمالية، في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، بسبب العراقيل التي تفتعلها لسرقة ونهب هذه المساعدات. 
 
واتهمت مسؤولة أممية المليشيا الحوثية بالتدخل في العمليات الإنسانية، ومحاولة التأثير باختيار المستفيدين من تلك المساعدات والشركاء المنفذين، ومحاولة إلزام المنظمات الإنسانية بالعمل في ظروف تتناقض مع المبادئ الإنسانية، مما سيتسبب -حال القبول بها- في فقدان التمويل اللازم للمشاريع الإنسانية وإغلاقها في مناطق سيطرة الانقلابيين.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية