باب المندب.. الممر المائي الاستراتيجي الأهم في العالم، شريان التجارة العالمي وحلقة الوصل بين آسيا وأوروبا كان وما يزال محل أطماع قوى دولية وإقليمية طامعة بالسيطرة والنفوذ على مر التاريخ وإلى يومنا هذا ، المندب الأهم عالميا والأكثر أهمية بعد شق قناة السويس في عام 1861 التي جعلت دوره محوريا بربط الشرق بالغرب وأصبح محط أطماع دولية وقوى الإقليمية.
 
إن الأهمية التاريخية لمضيق باب المندب تمتد إلى ما قبل الميلاد مثل امبراطوريات الإغريق والرومان والمصريين القدامى، وتشهد على ذلك المدن التاريخية على السواحل المطلة على البحر الأحمر والمضيق بضفتيه على القارتين الآسيوية والإفريقية.
 
وفي حقب زمنية تالية تسابقت الإمبراطوريات العظمى آنذاك إلى السيطرة على باب المندب للتحكم بالتجارة العالمية وبسط النفوذ على موقعه الاستراتيجي؛ لذلك سير البرتغاليون الحملات البحرية والصينيون والعثمانيون وأصبح المضيق لا يخضع لسيادة الدولة المطلة على الممر لقرون طويلة .
 
تلا ذلك العهد نفوذ جديد للبريطانيين والفرنسيين والإيطاليين ليرجح النفوذ البريطاني الكفة فارضا تواجده في البحر الأحمر "جزيرة كمران " وخليج عدن وجزيرة ميون في قلب المضيق؛ فيما توطنت قوى أخرى في الموانئ الإفريقية لتؤسس قواعدها العسكرية في المناطق المجاورة من المضيق كالقواعد الفرنسية واليابانية والصينية وبقايا النفوذ التركي للدولة العثمانية آنذاك.
 
بعد خروج بريطانيا من جنوب اليمن في ستينيات القرن الماضي ومع ولادة النظام الجمهوري في شمال اليمن بدأت اليمن في استعادة نفوذها وبسطها على كافة أراضيها ومياهها الإقليمية في سواحل البحر الأحمر وباب المندب وسواحل البحر العربي وخليج عدن وتحديدا ما بعد عام 90 في القرن الماضي.
 
إن سيطرة الدولة اليمنية على أراضيها ومياهها الإقليمية من خلال انتشار قواتها البحرية والبرية على سواحلها وبحارها بما في ذلك مضيق باب المندب شكل بيئة آمنة ومناخا مستقرا في المنطقة وأبعد التهديد والخطر على التجارة العالمية واستهداف الاقتصاد الدولي. 
 
لقد ظلت القوى الطامعة في السيطرة والنفوذ تحدق بالدولة اليمنية وتخطط لكيفيه السيطرة على القرار اليمني لاستخدام المضيق ورقة تهديد اقتصادي للتجارة العالمية والضغط الدولي لتحقيق أهداف سياسية في دول أخرى، ولكنها عجزت عن ذلك في عهد الزعيم الشهيد الصالح ونظامه فسعت تلك الدول إلى إنشاء تحالفات محلية مع أحزاب معارضة في بداية العقد الماضي.
 
إن الفوضى والاضطراب الداخلي في الجمهورية اليمنية مع تصاعد الربيع العربي مكن إيران من سلب مركز القرار بالقوة عبر ذراعها المحلية الحوثيين لتشعل حربا أهلية في 2014 وهذا ما شهدته اليمن خلال الأعوام الست الماضية.
 
ومع التمدد الإيراني عبر ذراعه الحوثية ووصولها إلى المضيق واستهدافهم للسفن التجارية في المندب والبحر الأحمر جاء التحالف العربي وأزاحهم عن هذه المناطق الهامة، وانتشرت القوات المشتركة على سواحل البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وشكلت القوات البحرية التي عملت على حماية الممر المائي وحدّت بشكل كبير من الاستهداف الإيراني بالقوارب المفخخة والألغام البحرية وصولا إلى مدينة الحديدة التي مازالت وكرا للإرهاب الحوثي الإيراني في البحر الأحمر إلى حين تحريرها ودحرهم منها .
 
والظهور الأخير لقائد المقاومة الوطنية العميد الركن طارق صالح رفقة وقيادات القوات المشتركة في مضيق باب المندب هي رسالة إلى القوى الطامعة بالسيطرة على المندب أننا كيمنيين لن نسمح بأن يستهدف العالم تجاريا واقتصاديا من أراضينا، ولن يكون الباب ممرا مفخخا والطارق والمشتركة اليوم يقفون على شرفاته.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية